الشهادة، وهو حق الشفعة؛ ولأنهما إذا طلبا الشفعة فقد صارا خصماً؛ لأنهما أظهرا الخصومة بطلبهما الشفعة، وشهادة الخصم لا يقبل، فأما إذا سلما الشفعة ثم شهدا بالبيع قبلت شهادتهما هكذا ذكر في «الكتاب» ، ولم يفصل قال مشايخنا رحمهم الله: ويجب أن يكون الجواب فيه التفصيل.

إن سلما الشفعة قبل أن يطلبا، ثم شهدا تقبل شهادتهما؛ لأنهما جران إلى نفسهما مغنماً بهذه الشهادة، ولم يصيرا خصماً في هذا الحادث، وإن سلما الشفعة بعد ما طلبها لا يقبل شهادتهما؛ لأنهما صارا خصماً فيما شهدا؛ لأنهما أظهرا الخصومة حين طلب الشفعة، ومن صار خصماً في حادثة لا تقبل شهادته في تلك الحادثة، وإن لم يبق خصماً فيها كالوصي إذا شهد لليتيم بعد ما عزل، فإنه لا يقبل شهادته، وإن لم يكن خصماً فيما شهد وقت الشهادة؛ لأنه كان خصماً فيه قبل ذلك، فإن قيل قبل الطلب: إن لم يصيرا خصمين حقيقية لعدم الخصومة فهما حقيقة، فقد صار الخصمين حكماً فوجوب حق الشفعة لهما بنفس البيع؛ وهذا لأن الإنسان كما يصير خصماً بوجود الخصومة منه حقيقة يصير خصماً بوجوب الحق له، من غير أن يوجد منه الخصومة كما في الوصي.

فإنه إذا شهد للصغير بمال قبل أن يخاصم في ذلك، فإنه لا يقبل شهادته، وإنما لم يقبل لصيرورته خصماً.

والجواب هذا هكذا إذا كان الحق الذي وجب حقاً لازماً، كما في الوصي، فإن الحق ثابت له فيما شهد بنفس الوصاية، بحيث لا يمكنه دفعه، فأما حق الشفيع ليس بلازم، فإنه مخير بين الأخذ والترك فلا يكفي هذا الحق لصيرورته خصماً، بل يشترط إظهار الخصومة، هذا إذا كان البائع يدعي الشراء والمشتري ينكر.

وإن كان المشتري يدعي الشراء، والبائع ينكر، فشهد الشفيعان بالبيع على المشتري لا تقبل شهادتهما أيضاً، إذا كانا يطلبان الشفعة.

وفي المسألة نوع أشكال؛ لأن حق الشفعة هاهنا ليس تثبت بشهادتهما، إنما يثبت بإقرار البائع، والجواب: أنهما إن كانا لا يثبتان حق الشفعة؛ لأنفسهما، يثبتان؛ لأنفسهما حق الأخذ من المشتري وإلزام المشتري العهدة متى أخذا منه، غير أن في هذه الصورة لهما أن يأخذا الدار بالشفعة بإقرار البائع بالبيع بخلاف الفصل الأول.

وإن شهد أبناء البائع على الشفيع بتسليم الشفعة فهذا على وجهين:

الأول: أن تكون الدار في يد البائع، وفي هذا الوجه وإن كان البائع يدعي تسليم الشفعة لا يقبل شهادتهما، وإن كان يجحد، تقبل شهادتهما؛ لأن هذه الشهادة على أمر للأب فيه منفعة من وجه، بأن كان المشتري أملاء من الشفيع، ومضر من وجه بأن كان الشفيع أملاء من المشتري وترجح جانب النفع بالدعوى، وجانب الضرر بالجحود.

والوجه الثاني: أن تكون الدار في يد المشتري، وفي هذا الوجه يقبل شهادتهما؛ لأنهما بهذه الشهادة لا يُجران إلى أنهما مغنماً ولا يدفعان عنه مغرماً؛ لأنه خرج من البين، بتسليم الدار إلى المشتري فيقبل شهادتهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015