والإشهاد ليس بشرط لصحة هذا الطلب، وإنما ذكر أصحابنا رحمهم الله الإشهاد وعند الطلب لا؛ لأنه شرط صحة بهذا الطلب؛ ولكن لأن المشتري لو جحد هذا الطلب، فالشهود يشهدون له على ذلك، وهو نظير ما قال أصحابنا رحمهم الله في الأب: إذا وهب لابنه الصغير هبة وأشهد على ذلك ما ذكروا الإشهاد، ولكونه شرطاً لصحة الهبة، ولكن لو جحد، فالشهود يشهدون، وكذلك ذكروا الإشهاد وفي الحائط المائل (167ب3) لا لكونه شرطاً لصحة طلب التفريع؛ ولكن لأن صاحب الحائط لو جحد، فالشهود يشهدون عليه وبعدما طلب طلب المواثبة يحتاج إلى طلب الإشهاد والتقرير.
وهذا الطلب إنما يصح عند حضرة واحد من الثلاثة إما المشتري، وأما البائع وأما الدار، فإن حضر المشتري يقول: أشتري هذه الدار التي كانت لفلان أَحَدُ حدودها كذا، والثاني والثالث والرابع كذا، وأنا شفيعها بالجوار بداري التي أحد حدودها كذا، وقد كنت طلبت وأطلبها الآن، فاشهدوا على ذلك إلى آخر ما ذكرنا، فاشهدوا على ذلك، وهذا الطلب عند المشتري صحيح، سواء كان الدار في يد المشتري أو في يد البائع.
وكذلك عند البائع إذا كانت الدار في يده، وإن لم تكن الدار في يده ذكر الشيخ أبو الحسن القدوري في «شرحه» وعصام في «مختصره» والناطفي (في) «أجناسه» : أنه لا يصح، وبه أخذ الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده في «شرحه» أنه صحيح استحساناً، وأحاله إلى «الجامع الكبير» : هكذا ذكر الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي، ومدة هذا الطلب مقدرة بالتمكن من الإشهاد، وعند حضرة أحد هؤلاء الثلاث حتى لو تمكن ولم يطلب بطل حقه، قال شيخ الإسلام في «شرحه» : في باب شفعة أهل البغي: أن الشفيع إنما احتاج إلى طلب المواثبة، ثم إلى طلب الإشهاد بعده إذا لم يمكنه الإشهاد عند طلب المواثبة بأن سمع الشراء حال غيبته عن المشتري والبائع والدار، أما إذا سمع الشراء عند حضرة أحد هؤلاء، فطلب المواثبة وأشهد على ذلك يكفيه ويقوم ذلك مقام طلبين، فإن قصد الأبعد من هؤلاء الأشياء الثلاثة، وترك الأقرب، فإن كانوا جملة في مصر واحد.5
فالقياس: أن تبطل شفعته، وفي الاستحسان: لا تبطل؛ لأن نواحي المصر جعلت كناحية واحدة حكماً، ولو كانوا في مكان واحد حقيقة، وطلب عند أحدهم، وترك الطلب عند الآخرين أليس أنه يصح طلبه؟ كذا هاهنا.
وبه أخذ الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله في «شرح أدب القاضي» للخصاف، وفي «واقعاته» : إذا اختار على الأقرب ولم يطلب منه بطل شفعته، لو كان الشفيع بحضرة أحد هذه الأشياء الثلاثة، والآخران في مصر آخر أو في رستاق هذا المصر الذي الشفيع فيه يقصد الأبعد وترك الطلب عند من هو بحضرته بطلت شفعته قياساً واستحساناً؛ لأن مصراً آخر ورستاق هذا المصر مع المصر لم يجعل لمكان واحد، فإذا ترك الطلب عند الأقرب وقصد الأبعد، فقد ترك الطلب مع الإمكان.
ولو كان كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة في مصر على حدة ذكر عصام في