في «الأجناس» وفي «الشرب» لأبي عمرو الطبري: في قطعة أرض لرجل لها شرب من نهر بين قوم باع صاحب القطعة أرضه بلا شرب، فلشركائه في الشرب الشفعة في القطعة وهم أحق من الجيران وبطل حق البائع من الشرب، وصار ذلك لشركائه، فإن سلم الشركاء الشفعة ثم بيعت هذه القطعة مرة أخرى، فلا شفعة لأرباب الشرب بالشرب؛ لأن الشرب قد انقطع لهما الأرض.
ألا ترى أنه لا شركة للبائع الثاني في الشرب، ولو اشترى البائع الأول هذه القطعة، ثم أراد أن يرجع في نصيبه من الشرب ليس له ذلك؛ لأنه حين باع الأرض بلا شرب فقد بطل حقه عن الشرب، قال «صاحب الأجناس» : وقد رأيت في كتاب الهلال البصري صاحب الوقف: لو باع أرضه بلا شرب، فالشرب للبائع بحاله وعليه يعقد النهر.
وفي «نوادر بن سماعة» لمحمد رحمه الله: دار في سكة خاصة باعها صاحبها من رجل بلا طريق فلأهل السكة الشفعة، وكذلك لو باع أرضاً بلا شرب، فلأهل الشرب الشفعة، ولو بيعت هذه الدار وهذه الأرض مرة أخرى ليس لهم فيها الشفعة؛ لأنه انقطع حق الدار من الطريق وحق الأرض من الشرب.
قال محمد رحمه الله: إذا علم الشفيع بالبيع، فلم يطلب مكانه، فلا شفعة له يجب أن يعلم بأن الشفعة تجب بالجوار وبالعقد أو بالشركة وبالعقد، وتتأكد بالطلب، ولا يفيد الملك إلا بقضاء والطلب على ثلاثة أوجه طلب مواثبة، وطلب إشهاد وتقرير، وطلب تمليك.
واختلف العلماء مقدار مدة طلب المواثبة. قال علماؤنا في ظاهر الرواية: يشترط فور علمه بالشراء إن طلب يثبت حقه وإن لم يطلب وسكت هنيهة بطل، وإليه ذهب مشايخ بلخ بخارى وروى هشام عن محمد: أن له مجلس العلم إن طلب في مجلس العلم يثبت حقه، وإن لم يطلب حتى قام بطل، وهو اختيار الكرخي وبعض مشايخ بخارى.
وروى ابن رستم عن محمد: أنه إذا سكت هنيهة لا تبطل شفعته، ولم يذكر في شيء من الكتب كيفية طلب المواثبة.
والصحيح: أنه إذا أتى بأي لفظ ما أتي بالماضي أو بالمستقبل إذا كان لفظاً يفهم منه طلب الشفعة إنه يجوز، وإليه ذهب الفقيه أبو جعفر الهندوابي شمس الأئمة السرخسي.