ولو اشترى عبداً بجارية وتقابضا فوطء المشتري الجارية، ثم رأى العبد صاحبه فلم يرضه، أو وجد به عيباً فرده يخير، إن شاء ضمن مشتري الجارية قيمتها يوم قبضها مشتريها، وإن شاء أخذ الجارية ولا يضمنه النقصان إن كانت بكراً ولا العقر إن كانت ثيباً؛ لأن الوطء حصل في ملك المشتري الواطئ.
نوع آخر منه في دعوى العيب والخصومة فيه وإقامة البينة عليه
يجب أن يعلم أن العيب نوعان: ظاهر يعرفه القاضي بالمشاهدة والعيان كالقروح والعمى والإصبع الزائدة وأشباهها، وباطن لا يعرفها القاضي بالمشاهدة والعيان.
والظاهر أنواع: قديم كالأصبع الزائدة ونحوها، وحديث لا يحتمل الحدوث من وقت البيع إلى وقت الخصومة كأثر الجدري وما أشبه ذلك، وحادث يحتمل الحدوث من البيع إلى وقت الخصومة كالجراحات وما أشبهها، وحادث لا يحتمل التقدم على مدة البيع.
وأما الباطن فنوعان: نوع يعرف بأثار قائمة كالثيابة والحبل والذاء في موضع لا يطلع عليها الرجال، ونوع لا يعرف بآثار قائمة كالسرقة والإباق والجنون، فإن كانت الدعوى في عيب ظاهر يعرفه القاضي بالمشاهدة ينظر إليه، فإن وجده سمع الخصومة ومالا فلا، ثم إذا سمع الخصومة، فإن كان العيب قديماً أو حادثاً لا يحدث من وقت البيع إلى وقت الخصومة كان للمشتري أن يرد؛ لأنا عرفنا قيامه للحال بالمعاينة وتيقنا بوجوده عند البائع إذا كان لا يحدث مثله، أو لا يحدث في مثل هذه المدة فيرده المشتري، إلا أن يدعي البائع سقوط حق المشتري الرد بالرضا أو غيره ويكون القول قول المشتري فيه مع يمينه، ثم عند طلب البائع يمين المشتري يحلف المشتري باتفاق الروايات وعند عدم طلبه هل يحلف المشتري عامة المشايخ على أنه لا يحلف في ظاهر الرواية.
ورأيت في «المنتقى» رواية عن أبي يوسف: أن المشتري إذا أراد الرد بعيب لا يحدث مثله يحلف بالله ما علم بالعيب حين اشتراه ولا رضي به منذ علم ولا عرضهُ على بيع. قال: وكان أبو حنيفة يقول: لا أحلف المشتري حتى يدعي ذلك البائع، قال: وأجب إلى أن استحلفه وإن لم يدع البائع ذلك، وعن أبي حنيفة رواية أخرى: أن المشتري لا يحلف على ذلك من غير فصل.
ثم كيف يحلف المشتري أكثر القضاة على أنه، يحلف بالله ما سقط حقك في الرد بالعيب من الوجه الذي يدعيه لا نصاً ولا دلالة وهو الصحيح.
وإن كان عيباً يحتمل الحدوث في مثل هذه المدة ويحتمل التقدم عليه، أو كان مشكلاً فالقاضي يسأل البائع أكان به هذا العيب في يدك، فإن قال: نعم كان للمشتري حق الرد إلا أن يدعي البائع سقوط حق المشتري في الرد ويثبت ذلك بنكوله أو بالبينة، فإن أنكر فالقول قوله مع يمينه إن لم يكن للمشتري بينة على كون هذا العيب عند البائع.