حنيفة؛ لأنه جمع في العقد بين ما له قيمة وبين ما لا قيمة له فصار كالحر والميتة، وعندهما يصح العقد في الخمسة التي فيها لب بنصف الثمن وهو الأصح؛ لأن هذا بمعنى الثمن المفضل عندهما، فإن الثمن ينقسم على الأجزاء لا على القيمة.
وكذلك إذا اشترى بطيخاً وكثيرها منتناً لا تصلح لأكل أحد من الناس ولا لعلف الدواب، فإنه يرجع بجميع الثمن، فإن كان لا يصلح لعلف الدواب، أو كان قشره يصلح لعلف الدواب فهذا من باب العيب فيرجع بنقصان لتعذر الرد بسبب الكسر، وكذلك إذا اشتراه فوجده مراً أوكان يصلح لعلف الدواب أو يتكلف بعض الناس لأكله فهذا من باب العيب، وإن كان لا يصلح لأكل أحد من الناس ولا لعلف الدواب فالعقد باطل وعلى هذا حكم الثمار وغيره من الفواكه.
وفي «المنتقى» : اشترى بطيخاً بدرهم عدداً وكسر واحداً بعد القبض فوجده فاسداً لا ينتفع به فله أن يرجع بحصتها ولا يرد غيرها، وقال: وليس البطيخ في هذا كالجوز، يريد به أن في الجوز إذا وجد بعضه فاسداً رده كله.
قال: واللوز والفستق والبندق والبيض نظير الجوز والرمان والسفرجل والقثاء والخيار نظير البطيخ.
وفي «المنتقى» : اشترى دابة وقبضها فسرقت من يده، ثم علم بها عيباً لم يكن له أن يرجع إلى البائع بنقصان العيب رواه الحسن بن زياد عن أبي حنيفة.
وفيه أيضاً: اشترى ثوباً فقطعه لابن صغير له ثوباً وخاطه فوجد به عيباً فليس له أن يرجع بنقصان العيب، ولو كان الابن كبيراً رجع؛ لأن الوجه الأول: الهبة تمت بالقطع ولم يمتنع الرد بالقطع، فإن البائع لو رضي به يجوز فكانت الهبة في حال لم يكن الرد ممتنعاً، فيبطل بها حق الرد وهو الأصل، فيبطل الحلف وهو الرجوع بنقصان العيب، أما في الوجه الثاني: الهبة إنما تتم بالتسليم وبالخياطة امتنع الرد فالهبة وقعت في حال كان حق الرد باطلاً، وثبت حق الرجوع بنقصان العيب فلا يمنع الرجوع بنقصان العيب، وكذلك لو قطع لمملوكه أو لأم ولده فله أن يرجع بنقصان العيب.
وفي «فتاوي الفضلي» : اشترى بعيراً قبضه فلما أدخله داره سقط فذبحه إنسان فنظروا إلى أمعائه فوجدوها فاسدة فساداً قديماً، ينظر إن ذبحه الذابح بغير أمر المشتري، لم يرجع المشتري على البائع بالنقصان؛ لأن الذابح يضمن القيمة، وإن ذبحه بأمر المشتري يرجع المشتري عند أبي يوسف ومحمد بمنزلة ما لو اشترى طعاماً فأكله، ثم وجد به عيباً، فإنه يرجع بنقصان العيب.
وإذا اشترى حملاً وظهر به عيب فوقع فانكسر عنقه فنحره، ليس له أن يرجع على البائع بشيء؛ لأن النحر حصل بعد العلم بالعيب وذلك يمنع الرجوع بالنقصان.
رجلان لكل واحد منهما بعير فتبايعا وتقابضا، ثم وجد أحدهما عيباً في البعير الذي اشتراه فمات في يده وقد مرض البعير الآخر فله الخيار، إن شاء رجع بحصته العيب من الآخر وإن شاء رجع بحصته العيب من قيمة البعير الآخر صحيحاً، وإنما نحر لمرض البعير الآخر.