محمد المسجد مؤبد فتحت الإزالة، عن ملكه وعند أبي يوسف المسجد ليس بمؤبد فلم تتم الإزالة عن ملكه وصار من حيث المعنى كأنه لا إزالة.
ولو اشترى ثوباً وكفن به ميتاً، فإن كان المشتري وارث الميت وقد اشترى بشيء من التركة رجع بالأرش، ولو تبرع بالتكفين أجنبي لم يرجع بأرش العيب، والفرق وهو أن المشتري إذا كان وراثاً وقد اشترى من التركة لمورثه فالملك في الكفن لم يثبت للوارث بل هو على ملك المورث فبقي الملك في الكفن على الوجه الذي أوجبه العقد وقد تعذر الرد، بخلاف ما إذا تبرع أجنبي بالتكفين؛ لأن الكفن ملك المتبرع وبالتكفين أزاله عن ملكه فيبطل حقه من كل وجه كما لو تبرع به على إنسان في حال حياته.
إذا مات العبد المشترى في يد المشتري الثاني، ثم اطلع على عيب به ورجع على بائعه وهو المشتري الأول بنقصان العيب، فالمشتري الأول لا يرجع على بائعه بنقصان العيب؛ لأن البيع الثاني لم ينفسخ فلم يثبت حق الرد في المشتري الأول فلا يثبت له حق الرجوع بالنقصان خلفاً عنه، وهذا قول أبي حنيفة وعلى قول أبي يوسف يرجع، ذكر قول أبي يوسف في هذه المسألة في «المنتقى» ولم يذكر قول محمد، وذكر في «المنتقى» أيضاً قول محمد في مثل هذه المسألة نظير قول أبي يوسف في هذه المسألة، وذكر قول أبي يوسف بخلافه.
وصورتها: رجل اشترى (79أ3) من آخر جارية وباعها فولدت في يد المشتري الثاني ولداً ووجد بها عيباً قد كان دلسه البائع الأول ولم يعلم به المشتري الأول ورجع المشتري الثاني على المشتري الأول بنقصان العيب لا يرجع المشتري الأول على بائعه بذلك في قول أبي يوسف، وقال محمد: يرجع.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل اشترى من آخر عبداً بألف درهم وتقابضا، ثم أقر المشتري أن البائع قد كان أعتقه قبل البيع أو دبره، أو كاتب أمة فأقر أنه استولدها، وأنكر البائع ذلك، وحلف لا يصدق المشتري على البائع؛ لأن إقرار الإنسان ليس بحجة على غيره على ما عرف ويكون العبد حراً في الإقرار بالعتق وولاؤه موقوف، وصار مدبراً موقوفاً في مسألة التدبير وكذا في مسألة الاستيلاد، وإن وجد المشتري بالمبيع عيباً علم أنه كان عند البائع، فله أن يرجع بنقصان العيب؛ لأنهما تصادقا على الرجوع بنقصان العيب، أما البائع؛ فلأن في زعمه أن المشتري أقر كاذباً، وإنه صار كالمنسي للإعتاق والتدبير، وذلك لا يمنعه من الرجوع بنقصان العيب على ما مر، والمشتري يزعم أن البيع وقع باطلاً، وإن له حق الرجوع بجميع الثمن فصار قدر النقصان متفقاً فلهذا رجع بنقصان العيب.
وكذلك لو كان المشتري أقر أنه والأصل والمسألة بحالها رجع بنقصان العيب لما قلنا، ولو كان المشتري أقر أن العبد لم يكن للبائع يوم باعه، وإنما كان لفلان فصدقه المقر له في ذلك، فإن شاء أجاز البيع وأخذ منه الثمن وإن شاء لم يجز وأخذ العبد؛ لأنه ثبت بتصادقهما أن البائع كان فضولياً في هذا البيع وأن البيع توقف على إجازة المقر فيكون له الخيار، فإن أجاز بيعه وأخذ الثمن، ثم إن المشتري وجد بالعبد عيباً قديماً لم يرجع بشيء على البائع؛ لأن الإقرار من المشتري نزل منزلة التمليك، ولا نعني به أن الإقرار تمليك مبتدأ؛ لأن الإقرار خيار عن كائن سابق والتمليك إنشاء الملك، ولكن نعني به أن الإقرار بدل عن التمليك؛ لأن الإقرار بالملك إخبار عن سبق الملك والملك لا بد له من التمليك ولكن الإقرار إنما يدل على سبق التمليك بأدنى زمان يمكن فيجعل كأن المشتري ملكه منه، ثم أقر له بناءاً على ذلك، فإذا كان هكذا انقطع ملك المشتري عن المبيع فبطل حقه في العيب أصلاً، وهذا إذا صدقه المقر له في الإقرار، فإن كذبه فيه رده بالعيب؛ لأن الإقرار نفسه ليس بتمليك، وإنما يثبت التمليك في ضمن الإقرار، فإذا بطل الإقرار بطل التمليك الذي يثبت في ضمنه.
وكذلك لو كان الإقرار من المشتري بهذا بعد علمه بالعيب وكذبه المقر له رده المشتري على البائع، بخلاف ما إذا عرضه المشتري على البيع بعد العلم بالعيب.
والفرق وهو أن العرض على البيع إنشاء تصرف يعتمد الملك في المحل بعضه الأصل فيكون ذلك دليلاً على تقرير ملكه وإبطال حقه في العيب، فأما الإقرار كما يصح في الملك يصح في غير الملك حتى أن من أقر بما لا يملك، ثم ملكه يوماً من الدهر يؤمر بالتسليم إلى المقر له فلا يكون هذا رضاً من المقر ينوب ملكه.
ولو وجد به المشتري عيباً قديماً وقد حدث عنده آخر حتى امتنع رده وذلك قبل إقراره فرجع بنقصان العيب، ثم أقر به المشتري المقر له وصدقه المقر له لم يرجع البائع على المشتري بنقصان العيب الذي أخذ منه؛ لأن أكثر ما في الباب أن الإقرار من المشتري جعل بمنزلة تمليك مبتدأ على ما مر أن التمليك إنما يثبت سابقاً على الإقرار بأدنى يوم يمكن فيحمل وجود التمليك بعد الرجوع بنقصان العيب، ويحتمل أن يكون قبله فلا يبطل المأخوذ بالشك، وفي الفصل الأول لا يثبت حق الرجوع للمشتري بالشك.
قال: رجل اشترى من رجل عبداً بألف درهم، وتقابضا فأقر المشتري أن العبد لفلان أعتقه قبل أن اشتريه وأنكر البائع ذلك كله فهو على وجوه: أما إن صدقه المقر له في الملك والإعتاق، أو صدقه في الملك دون الإعتاق، أو كذبه فيهما جميعاً.
ففي الوجه الأول: كان العبد مولى للمقر له؛ لأن المشتري أقر له بالملك وشهد عليه بالعتق، فإذا صدقه في الملك نفذ الكل عليه، وإن وجد المشتري بالعبد عيباً قديماً لم