يرجع بنقصان العيب فيما أكل وفيما بقي ولا يرد الباقي، وذكر في موضع آخر منه عن أبي يوسف: أنه إذا أكل بعض الطعام رجع بنقصان العيب الذي بقي عنده، وذكر في موضع آخر منه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة إذا أكل بعض الطعام ثم أطلع على عيب كان بالذي أكل وبالذي بقي، فإنه يرجع بنقصان عيب ما أكل، وكذلك جميع ما يكال أو يوزن مما لا ينقصه التبعيض.
وأما إذا باع بعض المكيل والموزون فعند أبي حنيفة وأبي يوسف لا يرد ما بقي ولا يرجع بشيء من النقصان؛ لأنه في حكم شيء واحد فصار بمنزلة العبد الواحد، وعن محمد أنه يرد ما بقي ولا يرجع بحصة العيب فيما باع هكذا ذكر في «الأصل» .
وكان الفقيه أبو الليث يفتي في هذه يقول محمد على ما ذكر في «الأصل» رفقاً بالناس، وعليه اختيار الصدر الشهيد حسام الدين.
وفي «فتاوي أبي الليث» : أن من اشترى دقيقاً وخبز بعضه، ثم تبين أن الدقيق مُر، رد الباقي بحصة من الثمن ورجع بالنقصان بحصة ما استهلك وهو بناء على مذهب محمد على ما هو المذكور في «الأصل» .
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف: أنه إذا باع بعض الطعام رد ما بقي في يده ولا يرجع بنقصان العيب.
وفي موضع آخر من «المنتقى» إذا باع بعض الطعام، ثم وجد بالباقي عيباً لم يرد الباقي ولا يرجع بنقصان العيب في قولهم جميعاً، إذا أبق بعد القبض، ثم علم المشتري به عيباً كان عند البائع لا يكون له أن يرجع بنقصان العيب ما دام العبد حياً، فإذا مات له أن يرجع بنقصان العيب، وهذا؛ لأن الرجوع بنقصان العيب خلف عن الرد بالعيب، وإنما يصار إلى الخلف عند وقوع اليأس عن الأصل، وما دام العبد حياً لا يقع اليأس عن الأصل فلهذا لا يرجع بنقصان العيب.
وإذا اشترى أرضاً ووقفه، ثم وجد به عيباً رجع بنقصان العيب، ذكر المسألة هلال الرازي في «وقفه» ، ولو جعله مسجداً، ثم وجد به عيباً لا يرجع بنقصان العيب ذكر المسألة في القدوري في «شرحه» ، والفرق بينهما: أنه لما جعله مسجداً فقد جعله لله تعالى، قال الله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} (الجن: 18) ومتى صار لله تعالى زال عن ملكه، ولهذا لا يعتبر فيه شرطه، فإنه لو جعل داره مسجداً بشرط أن يصلي فيه فلان دون فلان لا يعتبر هذا الشرط ولو بقي على حكم ملكه لا يعتبر شرطه؛ لأنه حينئذٍ يكون هذا شرطاً في ملكه، علم أن الدار زال عن ملكه باتخاذه مسجداً فيعتبر الإزالة عن ملكه باتخاذه مسجداً كالإزالة بالبيع، وهناك لا يرجع بالأرش وهنا كذلك إما بجعله وقفاً لا يزيله عن ملكه؛ لأن الموقوف باقي على حكم ملكه ألا ترى أنه يعتبر شرطه؟ فإنه لو وقف أرضه بشرط أن تصرف غلته إلى فلان دون فلان يعتبر شرطه فلم توجد الإزالة في باب الوقف فلا يمنع الرجوع بالأرش.
ذكر القدوري مسألة المسجد في «شرحه» من غير ذكر خلاف، وفي موضع آخر أن على قول محمد لا يرجع بنقصان العيب، وعلى قول أبي يوسف يرجع بناء على أن قول