عنباً فجعله خلاً لم يرجع فيه، ولو وهب له حماماً فجعله مسكناً أو وهب له بيتاً فجعله حماماً، فإن كان البناء على حاله لم يزد فيه شيئاً فله أن يرجع، وإن كان زاد فيه بناء أو علق عليه باباً أو جصصه أو أصلحه أو طينه فليس له أن يرجع فيه؛ لأن هذا كله زيادة في العين، ولو وهب له شاة فله أن يرجع فيها وهذا بلا خلاف، وكذا لو ضحى بها أو ذبحها في هدي المتعة (32أ3) لم يكن له أن يرجع فيها في قول أبي يوسف، وقال محمد: يرجع فيها وتجزئه الأضحية والمتعة ولم يقف على قول أبي حنيفة، واختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: إنه كقول أبي يوسف، وقال بعضهم: إنه كقول محمد وهو الصحيح.
وهب لرجل هبة وقبضها الموهوب ثم وهبها الموهوب له لرجل آخر، ثم رجع فيها الواهب الثاني بهبة أو صدقة أو إرثاً أو وصية أو شراء أو ما أشبه ذلك لم يكن للواهب الأول أن يرجع فيه، يجب أن يعلم بأن الرجوع في الهبة على رواية «الجامع» فسخ عند محمد سواء كان الرجوع بقضاء أو بغير قضاء، وكذلك على رواية «الأصل» أن رواية أبي حفص وعلى رواية «الأصل» من رواية أبي سليمان فسخ إذا كان بغير قضاء فهو عقد جديد، وعلى قول أبي يوسف هو فسخ على كل حال، وقد ذكرنا المسألة بتمامها مع ما فيها من اختلاف المشايخ في زكاة «الجامع» ، فما ذكر من الجواب في الفصل الأول فيما إذا كان الرجوع بغير قضاءٍ فهو يوافق رواية أبي حفص ورواية «الجامع» على قول محمد بن سماعة عن أبي يوسف.
ويجوز تصرف الموهوب له في الهبة ما لم يحكم القاضي بنقضها، فإذا حكم فلا يجوز تصرفه، وكذلك قول محمد وأبي حنيفة، يجب أن يعلم بأن الرجوع في الهبة لا يصح إلا بقضاء أو برضا، إما لأن الرجوع مختلف فيه بين العلماء فكان في أصل ثبوته نوعها، أو لأن فيه قطع الملك على الموهوب له، وقطع الملك على الإنسان من غير قضاء ولا رضا لا يجوز، فقبل قضاء القاضي، وقبل رد الموهوب له الهبة على الواهب باختياره تصرف الموهوب له حصل في ملك نفسه فيصح، وبعد ما قضى القاضي أو رد الموهوب له الهبة بإختياره صار الموهوب ملكاً للواهب فلا يصح تصرف الموهوب له، وإن مات في يد الموهوب له قبل أن يقبضه الواهب بعد ما قضى القاضي به لم يكن للواهب أن يضمنه؛ لأن أصل القبض لم يكن ضمان، فكذا الدوام عليه إلا أن يكون منعه بعد القضاء وقد طلب منه الواهب، فحينئذ يصير متعيناً فيضمن، ولو لم تزداد الهبة بعد الرجوع ولم يحكم به الحاكم حتى وهب الموهوب له الهبة من الواهب فهو بمنزلة رده أو رد الحاكم؛ لأن الرد بعد الرجوع مستحق على الموهوب له فيقع عن جهة المستحق، وإن دفعه الموقع بجهة أخرى عرف ذلك في موضعه، وإذا قضى القاضي بإبطال الرجوع لمانع ثم زال المانع عاد الرجوع.d
بيانه: إذا بنى في الدار الموهوبة له وأبطل القاضي رجوع الواهب بسبب البناء فهدم الموهوب له البناء وعادت كما كانت فله أن يرجع فيها، وهذا بخلاف ما لو اشترى عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فحينئذٍ العبد في مدة الخيار وخاصم المشتري البائع في الرد وأبطل حقه بسبب الحمي ثم زال الحمي في مدة الخيار وليس له أن يرد، وهب لامرأة ثم