أبو يوسف عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف، ذكر الحاكم إذا ولدت الجارية الموهوبة ولداً فله أن يرجع فيها إذا استغنى الولد عنها. في «فتاوي أبي الليث» وهب من آخر كرباساً فقصره الموهوب له فليس أن يرجع فيه فرق بين هذا وبين الغسل، وفيه أيضاً: وهب من آخر عبداً كافراً فأسلم في يد الموهوب له فليس للواهب أن يرجع فيه؛ لأن الإسلام زيادة فيه، وعن محمد أن له أن يرجع. في «فتاوي أبي الليث» : رجل وهب لرجل ثم أسلم فحمل الموهوب له التمر إلى يده ليس للواهب أن يرجع فيها. قال محمد رحمه الله في «السير الكبير» : من وهب لرجل جارية في دار الحرب إلى دار الإسلام ليس للواهب أن يرجع فيها؛ لأنه ازداد زيادة متصلة.

وفي «المنتقى» محمد عن أبي حنيفة: في رجل وهب من آخر ثياباً هروية بهراة فحملها إلى العراق ووهب طعاماً في العراق فحمله الموهوب له إلى مكة، فليس للواهب أن يرجع، قال: لأنها زيادة، قالوا: وهذا إذا كان قيمته في المكان المنقول إليه أكثر، فأما إذا كان أقل أو كان على السواء فللواهب أن يرجع. وفي «البقالي» ذكر الزيادة في وضع المسألة فقال: لو حمل الثياب إلى بلد وزاد قيمتها أو كان أنفق في النقل ما لو أبان في الكرا مالاً، وذكر القاضي الإمام علي السغدي في شرح «السير» في باب الأنفال: إذا كانت الهبة شيئاً لا حمل له ولا مؤنة فحمله الموهوب له أي إلى بلدة يعرفها ويعلو سعرها فلا رجوع فيها، ولو حمل إلى بلدة لا يعرفها وكان السعر في البلدتين على السواء ثم عزّ وغلا سعره فللواهب الرجوع كما لو وهب سعره في بلده. ولو نقطه المصحف فأعرب فلا رجوع، وكذا قيل في تحديد السكين.

وللواهب أن يرجع في بعض الهبة إن شاء، وكذلك لو وهب عبداً لرجلين أو جعله لإحدهما صدقة، وكذلك لو وهب رجلان لرجل هبة وقبضها الموهوب له ثم أراد أحدهما أن يرجع في هبته فله فلك، وإذا حبلت الجارية الموهوبة، فإن كان الحبل قد ازداد فيها حسناً ليس له أن يرجع فيها، وهذا لأن حال النساء مختلف فمنهن من إذا حبلت سمنت وحسن لونها، ومنهن من إذا حبلت أصفرّ لونها ودق ساقها، والزيادة تمنع الرجوع، والنقصان لا يمنع فينظر في ذلك.

في «المنتقى» : رجل وهب لرجل وظيفاً فشب عند الموهوب له وكبر وطال، فأراد الواهب أن يرجع فيه وقيمته الساعة أقل من قيمته حين وهبه فليس له أن يرجع فيه؛ لأنه زاد من وجه وانتقص من وجه آخر، وحين زاد سقط حق الرجوع فلا يعود بعد ذلك، ولو كان طويلاً يوم وهبه فطال عند الموهوب له وكان ذلك الطول نقصان لا زيادة بل كان أسمج له وكان ينقص ثمنه، فهذه الزيادة ليست بزيادة حقيقة فلا يمنع الرجوع، وقد يكون الشيء زيادة ونقصاناً معنى كالإصبع الزايدة، وإذا وهب لرجل حديدة فضربها سيفاً أو وهب دفاتر فكتب فيها لم يكن (له) أن يرجع في ذلك.

أما تبدل العين أو الزيادة في العين إذا وهب له جذعاً فكسرها وجعلها حطباً أو وهب له لبنا فجعله طيناً فله أن يرجع فيها وإن أعادها لبنا لم يرجع فيها، ولو وهب له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015