فإن رد الوارث هذا الإبراء يعمل ردّه ويقضى المال، وقال محمد: لا يعمل رده والبراءة ماضية على حالها.
فوجه قول محمد: أن الإبراء وقع للميت؛ لأن الدين على الميت فلا يعمل رد الوارث، كما لا يعمل رد الكفيل بإبراء الأصيل، وكما لا يعمل رد الوكيل بقضاء الدين إبراء الموكل، ولأبي يوسف أن الإبراء وقع للوارث معنى؛ لأن الدين انتقل إلى الوارث في حق أحكام الدنيا، ألا ترى أن المطالب بالدين هو الوارث بخلاف الوكيل بقضاء الدين والكفيل؛ لأن الإبراء للأصيل؛ لأنه حي يطالب به وينتفع بالإبراء فلا يعمل رد الكفيل ورد الوكيل أما هنا بخلافه.
ولو وهب الغريم الدين من الوارث صح بلا خلاف؛ لأن الإبراء وقع له، ولو كان لرجل دين على عبد الغير فوهب الغريم الدين لمولاه صح سواء كان على العبد دين أو لم يكن.
في كتاب الهبة: وهب عبداً لتاجر، فإن رده المولى هل يرد برده؟ قيل: هو على الخلاف الذي تقدم في رد الوارث، وقيل: بأن هذا يرد إجماعا.
إذا كان الدين بين شريكين فوهب أحدهما نصيبه من المديون صح، ولو وهب نصف الدين مطلقا ينفذ في الربع ويتوقف في الربع كما لو وهب نصف العبد المشترك، من عليه الدين إذا وهب مالا من رب الدين يملكه رب الدين بالهبة لا بالدين. في «الزيادات» في آخر باب الحوالة في «فتاوي أبي الليث» : إذا قال المولى لمكاتبه: وهبت لك ما لي عليك فقال المكاتب: لا أقبل عتق المكاتب والمال دين عليه وهذا بناء على ما قلنا: إن هبة الدين ممن عليه الدين تصح من غير قبول وترد بالرد فلا يظهر انتقاض الهبة في حق انتقاض العتق.
وفيه أيضاً: سئل أبو بكر عن شريكين قال أحدهما لصاحبه: وهبت لك حصتي من الربح فرد علي رأس المال فرده عليه، ثم أراد أن يطالبه بالربح قال: إن كان (31ب3) المال قائماً غير مستهلك ولم يقسمها حتى وهبة فالهبة باطلة والله أعلم.
الهبة أنواع: هبة الأجنبي، وهبة لذي محرم، وهبة لذي رحم ليس بمحرم أو محرم ليس بذي رحم، وفي جميع ذلك للواهب حق الرجوع قبل التسليم؛ لأنه بالرجوع قبل التسليم يمتنع إتمام العقد، وبعد التسليم ليس له حق الرجوع في ذي الرحم المحرم سواء كان أحدهما كافراً، وفيما سوى ذلك له حق الرجوع إلا مانع أخذ العوض، وأن يزداد الموهوب في يديه زيادة متصلة حتى إن زيادة الشعر لا تمنع الرجوع، وكذلك الزيادة المنفصلة لا تمنع الرجوع في الأصل لما يأتي بعد هذا، وأن يخرج الموهوب عن ملك