منهما قائم مقام صاحبه؛ لأن المساواة التي هي ركن المفاوضة لا تتحقق إلا به، فلا تظهر معنى الكفالة ما بقيت المفاوضة، وإنما يظهر يوماً يطالب الشريك الآخر بالخياطة؛ لأن الموجب الاتحاد وهي الشركة قد انقطعت، وإنما بقي معنى الكفالة، والكفالة ههنا غير صحيحة.... أن يأخذ أيهما شاء بالأجر، وكذلك إذا استأجر أحدهما أجيراً في شيء من أمره خاصة؛ كان للأجير أن يطالب أيهما شاء.

ولو أجر أحد المتفاوضين نفسه بخيط شي له خياطة ثوب فالأجر بينهما، ولو أجر نفسه للخدمة، فالأجر له خاصة، وكذلك إذا أجر عبداً، خالصاً له فإن كان موروثاً، فالأجر له خاصة.

والوجه في ذلك: أن في إجازة نفسه للخياطة وما أشبه ذلك من الأعمال، الأجير إنما يستوجب الأجر بنفس ذلك العمل، وإنه صحيح منه في حق صاحبه فما يجب بسببه يكون بينهما، وفي إجارة نفسه للخدمة الآجر يجب بتسليم النفس في نفسه؛ ليس من شركتهما؛ كما أن العبد الموروث له ليس من شركتهما.

نوع منه فى استحلاف كل واحد من المتفاوضين بالدعوى على صاحبه

إذا ادعى رجل على أحد المتفاوضين أنه باعه كذا بكذا، وجحد المدعى عليه، وحلفه القاضي، ثم إن المدعي أراد استحلاف الشريك الآخر؛ فالقاضي يستخلفه له على علمه؛ لأن كل واحد لو أقر بما ادعاه المدعي؛ كان إقراره ملزماً للآخر فإذا أنكر يستحلف رجاء النكول الذي هو إقرار؛ لأن المدعى عليه البيع يستحلف على فعل نفسه، فيحلف على النيات والآخر يحلف على الغير، فيحلف على العلم، وأيهما نكل عن الثمن رضي بالمدعي للمشتري بالثمن الذي ادعاه؛ لأن النكول إقرار، وإقرار أحدهما بالمبايعة يلزم أياً منها وكذلك كل ما كان من أعمال التجارة؛ إذا ادعى رجل على أحدهما يحلف القاضي المدعى عليه على ذلك؛ كان للمدعي أن يحلف الآخر؛ لأن فيما كان من أفعال التجارة، ففعل أحدهما كفعلهما، وإذا وكل واحد منهما ويلزم الآخر، فيحلف كل واحد منهما يدعي المدعي رجاء النكول الذي هو إقرار.

وأما ما ليس من أعمال التجارة إذا ادعاه رجل على أحدهما؛ لا يحلف الشريك الآخر عليه لأن ما ليس من أعمال التجارة لم يجعل فعل أحدهما كفعلهما، وإقرار أحدهما لا يلزم الآخر، فلا يكون في استحلاف الآخر فائدة، وإن كان أحد المتفاوضين ادعى شيئاً من أعمال التجارة على رجل وجحد المدعى عليه، وحلفه القاضي على ذلك، ثم أراد المفاوض الآخر أن يحلفه على ذلك، فليس له ذلك، فقد جعل استحلاف أحد المتفاوضين كاستحلافهما، ولم يجعل حلف أحد المتفاوضين في المسألة الأولى كحلفهما، والفرق: أن النيابة به تجري في الاستحلاف، ولا تجري في الحلف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015