يوسف ومحمد: لا يلزم الشريك؛ لأن الكفالة تبرع؛ ولهذا لا يصح من المأذون والمكاتب، وإذا حصل من المريض يعتبر من الثلث، وكل واحد منهما ليس بكفيل عن صاحبه في التبرعات، ولأبي حنيفة أن الكفالة تبرع ابتداءً؛ يعني حالة الوقوع؛ إلا أنها متى وقعت وصحت تنقلب مفاوضة.

ألا ترى أن الكفيل يرجع بما يؤدي على المكفول عنه؛ إذا كفل بأمره ولكونها تبرعاً وقوعاً لم يصح من العبد والصبي، وإذا وقعت وصحت وقت الفراغ عن اعتبار معنى المفاوضة، فتلزمه بحكم الكفالة، ولوكفل أحدهما بنفس لم يوجد بذلك شريكه في قولهم جميعاً؛ لأنه لا يظهر معنى المفاوضة فيها.

وإذا تزوج أحد المتفاوضين امرأة لا يؤاخذ شريكه بالمهر؛ لأن النكاح ليس بتجارة ولا اكتساب، فلا تظهر الكفالة في حقه، وكذلك لو صالحها عن نفقتها لا يلزم الشريك، من ذلك شيء كفل أحد المتفاوضين عن رجل بمهر أو أرش جناية، فهو بمنزلة كفالة بدين آخر؛ لا يؤاخذ به شريكه في قول أبي يوسف ومحمد وفي قول أبي حنيفة؛ يؤاخذ به؛ لأن الواجب على المفاوض في هذه الصورة بسبب الكفالة؛ لا بسبب الجناية والنكاح، والكفالة عنده مفاوضة.

ولو أقر أحد المتفاوضين لمن لا تقبل شهادته له بدين؛ بأن أقر لأبيه أو لابنه أو لأمته، أو ما أشبه ذلك، لم يصح إقراره في حق شريكه في قول أبي حنيفة، وعندهما يجوز إقراره لعبده، ومكاتبه على شريكه، وإنما لا يصح لما قلنا من التهمة، وإذا افترق المتفاوضان، ثم قال أحدهما: كنت كاتبت هذا العبد في الشركة؛ لم يصدق على ذلك في حق الشريك؛ لأنه أقر بما لا يملك إنشاءه للحال، ولكن يصدق في حق نصيبه، ويجعل في حق الشريك كأنه أنشأ الكتابة للحال، ولشريكه أن يرده دفعاً للضرر عن نفسه، ولكن بعدما يحلف على علمه؛ لأنه لو أقر بما أقر به شريكه فكاتباً، فإذا أنكر يستحلف، وإن قال: أعتقت هذا في الشركة؛ صح إقراره في نصيبه، ولكن لا يشتغل بتحليف الآخر ههنا؛ لأنه لو أنشأ العتق في حال حق الشريك؛ لا ينفذ إقراره في نصيب شريكه، فكذا إذا أقر بعد الافتراق بخلاف الكتابة.

رجل سلم ثوباً إلى خياط ليخيط بنفسه، وللخياط شريك في الخياطة (138ب2) شركة مفاوضة، ثم افترقا؛ لم يكن لرب الثوب أن يأخذ الشريك الآخر بالخياطة؛ لأنه لو أخذ أخذ بحكم الكفالة، والكفالة ههنا لا تصح؛ لأن هذه كفالة بخياطة رجل بعينه، وهذا بخلاف ما لو يشترط عليه أن يخيطه بنفسه، ثم افترقا، فإنه يؤاخذ الشريك الآخر بالخياطة؛ لأن الكفالة بمطلق الخياطة جائزة فلا تستقم مطالبة الآخر بعد الافتراق بحكم الكفالة.Y

قال شيخ الإسلام في تعليل المسألة الأولى: ولهذا لم يكن لرب الثوب أن يطالب الشريك الآخر بالخياطة حال قيام المفاوضة، فبعد الافتراق أولى، وذكر شمس الأئمة السرخسي: أن لصاحب الثوب أن يطالب بالعمل منهما كشخص واحد، ولكل واحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015