وفي «الواقعات» : القاضي إذا قبض أموال اليتامى، ولم يبين، فهذا على وجهين: إن وضعه في بيته، ولا يدري أين المال ضمن؛ لأنه مودع مات مجهلاً، وإن دفعها إلى قوم، ولا يتبينهم ولا يدري إلى من دفعها فلا ضمان؛ لأن القاضي ههنا ليس بمودع؛ إنما المودع غيره، وذلك الغير على حاله لم يمت فضلاً من الموت مجهلاً.
وفي «الهاروني» : لو أن المستودع لم يمت، ولكن جن جنوناً مطبقاً، وله أموال، فطلبت الوديعة، فلم توجد، وقد آيسوا أن يرجع إليه عقله؛ كانت ديناً عليه في ماله، ويجعل له القاضي ولياً ليقبضها من ماله، ويأخذ بها قيمة الذي يدفع إليه، فإن أفاق المستودع بعد ذلك وقال: ضاعت الوديعة، أو قال: رددتها عليه، وحلف على ذلك رجع بها على الذي دفعها إليه.
وفي «الأجناس» : لو كان المستودع دفع الوديعة إلى امرأته، وقد علم ذلك، ثم مات المستودع أخذت المرأة بها، فإن قالت المرأة: قد ضاعت، أو قالت: قد سرقت، فالقول قولها مع يمينها، ولا ضمان عليها، ولا يصير ديناً على الميت، وإن كان الميت ترك مالاً صارت الألف ديناً فيما ورثت المرأة من الزوج؛ لأنها لما زعمت أنه دفعها إليه، فقد زعمت أنها صارت مضمونة عليه بموته تجهلاً، وزعمها حجة في حقها، وإن لم يعلم أنه دفعها إلى امرأته إلا بقوله بأن قيل له قبل أن يموت: ما فعلت بالألف التي أودعكها فلان، فقال: دفعتها إلى امرأتي، ثم مات، ثم سئلت المرأة فأنكرت أن يكون دفعها إليها، فإنها تحلف ولا شيء عليها، وإن كان الميت ترك مالاً فهي دين فيما ورثت المرأة منها؛ لأنها حين قالت: لم يودعني فقد زعمت أنها عنده على ما ادعى وإنها صارت ديناً عليه، والدين مقدم على الميراث، وزعمها معتبر في حقها.
وفيه أيضاً: إذا قال المضارب قبل أن يموت أودعت مال المضاربة فلاناً الصيرفي، ثم مات، فلا شيء عليه، ولا على ورثة الميت، وإن مات الصيرفي قبل أن يقول شيئاً، ولا يعلم أن المضارب دفعها إلى الصيرفي إلا بقوله: ... على الصيرفي، وإن دفعها إلى الصيرفي ببينته، أو إقرار من الصيرفي، ثم مات المضارب، ثم مات الصيرفي، ولم يبينها كانت ديناً في مال الصيرفي، ولا شيء على المستودع، وإن مات المضارب والصيرفي حيٌّ فقال الصيرفي: رددتها عليه في حقوقه كان القول قوله، ويحلف، ولا ضمان عليه، ولا على الميت، وإن أودع جارية فمات المستودع ولم يبينها، ثم رأوها حية بعد موته، فلا ضمان على المستودع، وإن لم يروها بعد موته فقالت ورثته قد رددناه عليه في حياته أو دبر موته، لا يقبل قولهم في شيء من ذلك؛ لأنهم يدفعون عن أنفسهم الضمان، وتصير قيمتها آخر ما رأوها حية عنده ديناً في ماله، وكذلك العارية والإجارة.
في «الأجناس» أيضاً وفي «النوازل» : إذا مات المستودع فقالت ورثته: قد رد الوديعة في حياته لم يقبل قولهم، والضمان واجب في مال الميت؛ لأنه مات مجهلاً، فإن