ومما يتصل بهذا القسم
امرأة تستفتي أنها ترى الدم قبل أيامها ذكر الصدر الشهيد رحمه الله في «مختصر كتاب الحيض» : أنها تؤمر بترك الصلاة إذا كان الباقي من أيام طهرها ما لو ختم إلى أيام حيضها لا يجاوز العشرة؛ لأنها رأت الدم عقيب طهر صحيح، فكان حيضاً لكن بهذا الشرط؛ لأن الظاهر أنها ترى الدم في أيامها المعروفة، وإذا عُدم هذا الشرط يكون استحاضة، وذكر الشيخ الإمام نجم الدين عمر النسفي رحمه الله في كتاب «الخصائل» : أن على قولهما تؤمر بترك الصلاة إذا كان المتقدم مع أيامها لا يجاوز العشرة، وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: إذا كان المتقدم ثلاثة أيام لا تترك الصلاة، وإن كان أقل، فكذلك على قوله على ما اختاره مشايخ بخارى، وعلى ما اختاره مشايخ بلخ: تترك.
وأما القسم الثاني فهو على وجوه أيضاً:
الأول: إذا رأت في أيامها ما يصلح حيضاً، ورأت بعد أيامها ما يصلح حيضاً وفي هذا الوجه الكل حيض، وأيامها تستتبع ما بعدها وانتقلت العادة؛ لأن ما بعدها لا يستقل بنفسها وقد تتبعت أيامها مشاهدة فتتبعها حكماً.
الوجه الثاني: إذا رأت في أيامها، ورأت في آخر أيامها ما يصلح حيضاً، ورأت بعد أيامها ما يصلح حيضاً أيضاً، وفي هذا الوجه إن لم تجاوز الكل العشرة فالكل حيض، وإن جاوز فالمعروفة حيض، وما زاد على ذلك استحاضة؛ لأن المتأخر عن أيامها يمكن اعتباره حيضاً تبعاً لأيامها؛ لأنه لاحق بأيامها واللاحق يتبع السابق.
ألا ترى أنه جميع أيامها مشاهدة فتتبع أيامها حكماً، وإذا أمكن اعتباره حيضاً تبعاً لأيامها تعتبر ولم تنتقل عادته كما كانت عليه من حيث الحقيقة، إن انتقلت من حيث الصورة؛ لأن التبع حكمه حكم الأصل فصار من حيث الحكم كأنه جعل في أيامها.
الوجه الثالث: إذا لم ترَ في أيامها شيئاً، ورأت بعد أيامها ما يصلح حيضاً، وفي هذا الوجه الكل حيض ذكر المسألة في «الأصل» من غير ذكر خلاف، وقد اختلف المشايخ فيه، قال أبو علي الدقاق والزعفراني في كتابيهما والقدوري في «شرحه» ، وعامة مشايخ خراسان: إن ما ذكر في «الأصل» قول الكل، وقال أبو سهل الفرائضي وجماعة من البلخيين، وعامة من البخاريين: إن هذا على الاختلاف الذي بيناه في المتقدم فالكلام فيها كالكلام في المتقدم، فإن كانت المسألة على الخلاف الذي بيّناه في المتقدم فالكلام فيها كالكلام في المتقدم؛ وإن كانت هذه المسألة على الوفاق، فوجه الفرق بين المتقدم والمتأخر ظاهر إن وجود الشيء بعد وقته لا يمنع ثبوت حكمه خصوصاً في أمر الحيض، فإن المرأة ترى الدم بعد أيامها بأشهر ولا يتغير به الحكم، ولهذا قلنا: إن العجوزة الكبيرة إذا رأت الدم كان حيضاً على رواية «النوادر» فأما وجود الشيء قبل وقته فلا يعتد به في أكثر الأحكام خصوصاً في باب الحيض، ألا ترى أن الصغيرة جداً قد ترى الدم ولا يعتدّ به أصلاً.
الوجه الرابع: إذا رأت في أيامها ما لا يصلح حيضاً، ورأت بعد أيامها ما يصلح