الثوب من يده، وإذا حصل الخرق من فعلهما يجب أن يكون على الغاصب نصف الضمان، كما لو خرقاه جميعاً، وكما لو طلب صاحب الثوب الثوب من الغاصب، فمنعه فمده المغصوب منه الثوب مثله فتخرق الثوب؛ ذكر أن الغاصب يضمن نصف قيمة ما تخرق؛ لأن الخرق حصل بفعلهما والجواب أن الإمساك من الغاصب إن وجد حقيقة بلبس الثوب لم يوجد معنى؛ لأن الغاصب بلبس الثوب قصد ستر نفسه في إمساكه عن المالك، فلم يوجد الإمساك من الغاصب معنى، فبقي التلف كله مضافاً إلى مد المالك؛ بخلاف ما إذا طلب منه المالك وأمسكه؛ لأن هناك وجد الإمساك من الغاصب حقيقة ومعنى.
ولو طلب المغصوب منه الثوب من الغاصب، فمنعه الغاصب عنه، ثم إن المغصوب منه مده مداً شديداً؛ لا يمد مثله، فتخرق الثوب؛ لا ضمان على الغاصب؛ علل فقال: لأنها بمنزلة سكين جاء به وخرقه، فقد أضاف الخرق كله إلى فعل المالك، وهذا مشكل؛ لأنه لولا إمساك الغاصب الثوب لكان لا ينخرق بمد المالك، فكان الخرق مضافاً إلى فعلهما.
ألا ترى أنه لو مد مد مثله كان الخرق مضافاً إليهما حتى كان على الغاصب نصف الخرق، فههنا يجب أن يكون كذلك.
والجواب أن الإمساك قد يتحقق من الغاصب، ولا يكون سبب خرقه، فإن كان قبل المد، ويكون سبب خرقه بأن كان في حال المد، فكان الإمساك في نفسه سبب الخرق من وجه دون وجه، فاعتبر سبب الخرق إذا كان مد المالك مداً يمد مثله، وأضيف الخرق إلى المد، والإمساك جميعاً، ولم يعتبر سبب الخرق إذا كان مداً لا يمد مثله، وأضيف الخرق إلى المد وحده بخلاف المد حيث يضاف الخرق إليه؛ لأن المد سبب الخرق على كل حال، وقيل: الإمساك إنما لا يحصل الخرق؛ لأن المد لا يؤخذ؛ لأن بدون الإمساك يكون أخذاً، ولا يكون مداً، وإذا كان المد متى تحقق بسبب خرق على كل حال، والإمساك سبب الخرق في حال دون حال أضيف الخرق إلى المد على كل حال دون حال، وأضيف الخرق إلى الإمساك في حال دون حال.
ونظير هذا الممسك: الثوب إذا كان (على) صاحب الثوب جاء آخر ومد الثوب مداً (يمد) مثله أو مداً لا يمد مثله ليبديه كان الضمان على الماد، وأضيف الخرق كله إلى المد دون الإمساك، وطريقه ما قلنا.
ذكر شيخ الإسلام في شرح «السير» في باب قصور الغنائم؛ قال مشايخنا: الغاصب إذا ندم على ما صنع، ولم يظفر بالمغصوب منه يمسك المغصوب إلى أن ينقطع مجيء صاحبه، فإذا انقطع طمعه في مجيء صاحبه، يتصدق إن شاء بشرط أن يضمن متى لم يجز صاحبه صدقته؛ قال: والأحسن أن يرفع ذلك إلى الإمام؛ لأن الإمام لتدبيره رأي في أموال الغيب، فالأحسن أن لا يقطع عليه رأيه.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : رجل غصب عبداً أو أجر العبد نفسه،