ينبت بعد، فصاحب الأرض بالخيار؛ إن شاء تركها حتى ينبت، ثم يقول له: اقلع زرعك، وإن شاء أعطاه ما زاد البذر فيه.

وطريق معرفة ذلك ما روى هشام عن محمد رحمه الله أنه تقوم الأرض وليس فيها بذر، وتقوم وفيها بذر، فيضمن فضل ما بينهما. وروى المعلى عن أبي يوسف: أنه يعطيه مثل بذره، والمختار أنه تقوم الأرض غير مبذور، وتقوم وهي مبذور ببذر لغيره حق القلع، ففضل ما بينهما قيمة ما بذر، مبذور في أرض الغير كذلك للغير حق القلع.

في «المنتقى» المعلى في «نوادره» عن أبي يوسف: أرض بين رجلين زرعها أحدهما بغير إذن شريكه، وتراضيا على أن يعطي غير الزارع الزارع نصف البذر، ويكون الزرع بينهما نصفين؛ قال: إن كان ذلك منهما بعدما نبت الزرع فهو جائز، وإن كان قبل أن ينبت؛ لا يجوز؛ لأن غير الزارع يصير مشترياً نصف الزرع، وشراء الزرع قبل النبات لا يجوز. وإن كان الزرع قد نبت، فأراد الذي لم يزرع أن يقلع الزرع، فإن الأرض تقسم بينهما نصفين، فما أصاب الذي لم يزرع من الأرض قلع ما فيه من الزرع، ويضمن له الزارع ما دخل أرضه من نقصان القلع.

غصب بالة من أرض إنسان، فزرعها في ناحية أخرى من تلك الأرض، فكبرت البالة وصارت شجرة، فالشجرة للغارس، وعليه قيمة البالة لصاحبها يوم غصبها، ويؤمر الغارس بقلع الشجرة.

وكذلك لو غرس رجل مال نفسه في أرض غيره، فلصاحب الأرض أن يأمره بقلعها، وإن كان القلع يضر بالأرض أعطاه صاحب الأرض قيمة شجرته، ولكن مقلوعة؛ كذا قيل، وعلى قياس مسألة الزرع التي تقدم ذكرها إنه يمكن بيان إعطاء صاحب الأرض قيمة شجرته لغيرها حق القلع.

وفي «فتاوى الفضلي» : رجل زرع أرض نفسه فجاء آخر، وألقى بذره في تلك الأرض، وقلب الأرض قبل أن ينبت بذر صاحب الأرض، أو لم يقلب، وسقى الأرض حتى نبت البذران، فالنابت يكون للثاني عند أبي حنيفة رضي الله عنه؛ لأن خلط الجنس بالجنس عنده استهلاك، وللأول على الثاني قيمة بذره، ولكن مبذوراً في أرض نفسه، فيقوم الأرض ولا بذر فيها، ويقوم وفيها بذر، فيرجع بفضل ما بينهما، فإن جاء الزارع الأول، وهو صاحب الأرض، وألقى فيها بذر نفسه مرة أخرى، وقلب الأرض قبل أن ينبت البذران؛ أو لم يقلب، ولكن سقى الأرض فنبتت البذور كلها، فجميع ما نبت لصاحب الأرض، وعليه للغاصب مثل بذره، ولكن مبذوراً في أرض غيره، هكذا ذكر ولم يشبع الجواب.

والجواب المشبع: أن الغاصب يضمن لصاحب الأرض قيمة بذره مبذوراً في أرض نفسه، ثم يضمن صاحب الأرض للغاصب قيمة البذرين لكن مبذوراً في أرض الغير؛ لأن الاختلاف كذلك ورد، هذا كله إذا لم يكن الزرع نابتاً.

فأما إذا نبت زرع المالك، فجاء رجل، وألقى بذره وسقى، فإن لم يقلب حتى نبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015