الدمين، فصار فاصلاً بينهما، وكل واحد من الدمين بانفراده لا يصلح حيضاً فلا يجعل شيء من ذلك حيضاً.
ولو رأت في العشرة يومين دماً فرأت اليوم العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر دماً فحيضها خمستها عند أبي يوسف؛ لأن الطهر فيه قاصر، فصار كالدم المتوالي، وعند محمد الثلاثة الأخيرة حيض؛ لأن الإبدال ممكن فيه؛ لأنه يبقى إلى موضع حيضها الثاني مُدّة طهر كامل.
ولو رأت في أول خمستها يوماً دماً ويوماً طهراً، حتى جاوز العشرة فخمستها هي الحيض عندهم جميعاً؛ لأن ابتداء الخمسة وختمها كان بالدم والطهر قاصر، فإن طهرت يوماً من أول الشهر، ثم رأت يوماً دماً ويوماً طهراً حتى جاوز العشرة، فاليوم الأول ليس بحيض عندهم؛ لأنه لم يتقدَّمه دم وهو طهر في نفسه، وأبو يوسف رحمه الله إنما يجوز ابتداء الحيض بالطهر إذا تقدمّه دم الاستحاضة، والأربعة الباقية من أيامها حيض عند أبي يوسف؛ لأنه يختم الحيض بالطهر إذا تعقبه دم، وعند محمد رحمه الله حيضها اليوم الثاني، والثالث والرابع؛ لأن اليوم الأول والخامس كانا طهرين وإن وقف الدم على العشرة؛ لأن ما بعد اليوم الأول حيض كلّه، ولو رأت يوماً دماً قبل رأس الشهر ومن أول الشهر يوماً طهراً ثم يوماً دماً إلى العشرة، فجميع ذلك حيض عند أبي يوسف إلا اليوم العاشر؛ لأنه لم يُرَ فيه، ولا بعده وما سواه وجد فيه شرط إمكان الحيض، فيعتبر حيضاً، فإن جاوز الدم العشرة، فحيضها خمستها المعروفة عند أبي يوسف وعند محمد رحمه الله حيضها ثلاثة أيام من معروفها، وهو اليوم الثاني والثالث والرابع لطهرها في اليوم الأول والخامس، والله أعلم.
(نوع منه) في تقدم الحيض وتأخره
هذا النوع يشتمل على ثلاثة أقسام: قسم في المتقدم، وقسم في المتأخر، وقسم في الجمع بينهما.
أما القسم الأول: فهو على وجوه:
الأول: إذا رأت في أيامها ما يكون حيضاً، فرأت قبل أيامها ما لا يكون حيضاً، بأن كان المرئي في أيامها ثلاثة، والمرئي قبل أيامها أقلّ من ثلاثة، وفي هذا الوجه روايتان عن أبي حنيفة، روى محمد عنه: أن المتقدم لا يكون حيضاً، وروى الحسن عنه: أن الكل حيض.
وجه رواية محمد رحمه الله: أن المتقدم لو جعل حيضاً، جعل تبعاً لأيامها، ولا وجه إليه؛ لأن السابق لا يعتبر تبعاً إلا في وجه رواية الحسن أن المتقدم إذا كان أقلّ من ثلاثة أيام إن لم يمكن أن يعتبر هو حيضاً تبعاً لأيامها من حيث اللحوق، لكونه سابقاً على أيامها أمكن أنه يعتبر حيضاً تبعاً لأيامها من حيث إنه يستقل بنفسه، والمرئي في أيامها يستقل بنفسه. وذكر بعض مشايخنا في «شرح كتاب الحيض» في الوجه: أنّ الكل حيض من غير ذكر خلاف، وذكر بعضهم: أن الكل حيض بالاتفاق.