ونوع آخر
يعلم أن صاحبه يطلبه كالذهب والفضة، وسائر العروض وأشباهها، وفي هذا الوجه له أن يأخذها ويحفظها، ويعرضها حتى يوصلها إلى صاحبه، وقشور الرمان والنوى إذا كانت مجمعة فهي من النوع الثاني؛ لأن صاحبها لما جمعها فالظاهر أنه ما ألقاها إنما سقطت منه، فكانت من النوع الثاني، وفي «غصب النوازل» إذا وجد جوزة ثم أخرى ثم أخرى؛ حتى بلغت عشراً، وصار لها قيمة، فإن وجدها في موضع واحد فهي من النوع الثاني بلا خلاف، وإن وجدها في مواضع متفرقة، فقد اختلف المشايخ فيه، قال الصدر الشهيد: والمختار أنها من النوع الثاني بخلاف النوى، وقشور الرمان، ورمي هذه الأشياء إباحة للانتفاع، ولا كذلك الجوز، قيل: إلا إذا وجدها تحت أشجار الجوز في الخريف، فقد تركها صاحبها عند اجتناء الثمار وجمعها، صح له أن يأخذ وينتفع بها؛ لأنه تركها تحت الأشجار في هذا الوقت لانتفاع الناس بها معتاد.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» الحطب الذي يوجد في الماء لا بأس بأخذه والانتفاع به وإن كان له قيمة، وكذلك التفاح والكمثرى إذا وجد في نهر جاري لا بأس بأخذه والانتفاع به وإن كثرت.
إذا مر في أيام الصيف بثمار ساقطة تحت الأشجار، فهذه المسألة على وجوه: إن كان ذلك في الأمصار لا يسعه التناول منها إلا أن يعلم أن صاحبها قد أباح ذلك له نصاً أو دلالة بالعادة؛ لأنه لا عادة ههنا في الإباحة، وإن كان في الحائط، والثمار مما يبقى كالجوز ونحوه لا يسعه الأخذ إلا إذا علم الإذن، وإن كانت الثمار مما لا يبقى تكلم المشايخ فيه؛ منهم من قال: لا يسعه أن يأخذ ما لم يعلم أن صاحبها قد أباح ذلك، ومنهم من قال: لا بأس به ما لم يعلم النهي إما صريحاً أو دلالة، وهو المختار، وإن كان ذلك في الرساتيق الذي يقال بالفارسية «مرا ست» ، وكان ذلك من الثمار التي تبقى لا يسعه الأخذ إلا إذا علم الإذن، وإن كان ذلك من الثمار التي لا تبقى يسعه الأخذ بلا خلاف ما لم يعلم الآخذ النهي، وهذا الذي ذكر بأكله إذا كانت الثمار ساقطة تحت الأشجار، أما إذا كانت على الأشجار والأفضل أن لا يأخذ من موضع إلا بالإذن؛ إلا إذا كان موضعاً كثير الثمار يعلم أنه لا يشق عليهم ذلك فيسعه الأكل، ولا يسعه الحمل.
في «واقعات الصدر الشهيد» : حمل..... من السقاية إلى منزله يكره ولا يحل، وفي «فتاوى أهل سمرقند» : امرأة رفعت ملاء امرأة، تركت ملائها عوضاً، ثم جاءت المرأة التي أخذت ملائها، وأخذت ملاء المرأة الآخرة ليس لها أن تنتفع بها، وطريق ذلك أن تتصدق بهذه الملاء على ابنتها إن كانت فقيرة على نية أن الثواب لصاحبتها إن رضيت، ثم تهب الابنة الملاءة منها فيسعها الانتفاع بها؛ لأنها بمنزلة اللقطة، ولا يحل الانتفاع ابتداءاً إن كانت غنية، ويحل إن كانت فقيرة، وكذلك الجواب