هذا بيع المزايدة، ولا يكون استياماً على سوم الغير. وإن كف عن النداء، ويمكن إلى ما طلب منه ذلك الرجل، فليس للغير أن يزيد في ذلك، ويكون هذا استيام على سوم الغير، وإن كان الدلال هو الذي ينادي على السلعة فطلبه إنسان بثمن، وقال الدلال: حتى أسأل المالك فلا بأس للغير أن يزيد في هذه الحالة، فإن أخبر مالكه بذلك فقال: بعه واقبض الثمن، فليس للغير أن يزيد بعد ذلك، ويكون هذا استياماً على سوم الغير؛ وهذا لأن النهي عن الاستيام على سوم الغير لدفع الدهشة والرحمة، إنما يجعل إذا ركن قلب صاحب السلعة إلى ما طلب منه وعزم على بيعها بذلك أما قبل ذلك فلا.
والدليل على صحة ما قلنا ما روي في حديث فاطمة بنت قيس أنها قالت: يا رسول الله عليك السلام إن معاوية وأبا الجهم يخطبانني فما ترى؟ فقال عليه السلام: «أما معاوية فصعلوك (98ب2) لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يرفع عصاه عن أهله، انكحي أسامة بن زيد، ففعلت ووجدت منه خيراً كثيراً» ، فثبت بهذا الحديث صحة ما ذهبنا إليه من الفرق.
وفي وديعة «العيون» : رجل اشترى جارية وهي لغير البائع، أو اشترى ثوباً وهو لغير البائع، فوطىء المشتري الجارية ولبس الثوب وهو لا يعلم، ثم علم فهل المشتري آثم؟ روي عن محمد أن الجماع واللبس حرام، إلا أنه يوضع عن المشتري الإثم، وقال أبو يوسف: الوطء حلال وهو مأجور في إتيان الجارية، وإذا تزوج امرأة ثم تبين أنها كانت منكوحة الغير، وقد وطئها الزوج الثاني، يجب أن تكون المسألة على الخلاف الذي (ما) ذكرنا.
قال محمد رحمه الله في «السير» : ولا يخرج الرجل إلى الجهاد وله أب أو أم إلا بإذنه، إلا من النفير العام، والأصل في ذلك ما روي عن رسول الله عليه السلام أنه سئل عن أفضل الأعمال، فقال: «الصلاة لوقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله» فهذا تنصيص على تقديم بر الوالدين على الجهاد، والمعنى أن الجهاد فرض عام ينوب البعض فيه عن البعض، وطاعة الوالدين وبرهما فرض خاص لا ينوب البعض فيه عن البعض، ولا شك أن الاشتغال بالفرض الخاص الذي لا ينوب البعض فيه عن البعض