والمعنى في النهي من وجهين؛ أحدهما: أن هذا تشبه بالرجال، وقد نهين عن ذلك، الثاني: أن فيه إعلان الفتن وإظهارها للرجال، وقد أمرن بالستر، قالوا: وهذا إذا كانت شابة، وقد ركبت السرج والفرج، فأما إذا كانت عجوزاً أو كانت شابة إلا أنها ركبت مع زوجها بعذر بأن ركبت للجهاد، وقد وقعت الحاجة إليهن للجهاد، أو للحج أو للعمرة فلا بأس إن كانت مستترة، فقد صح أن نساء المهاجرين كنَّ يركبن الأفراس، ويخرجن للجهاد، فكان رسول الله عليه السلام يراهن و (لا) ينهاهن، وكذلك بنات خالد بن الوليد كن يركبن، ويخرجن للجهاد يسقين المجاهدين في الصفوف ويداوين الجرحى.
ذكر محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : أن بيع السرقين جائز عندنا؛ لأن السرقين منتفع به، وإن كان نجساً يجوز بيعه كالثوب النجس، بيان الانتفاع أن الناس اعتادوا إلقاء السرقين في الأراضي لاستكثار الريع من غير تكثير، وإذا ثبت أنه منتفع كان مالاً عرفاً وشرعاً، ولأجل ذلك الناس يحرزونه، ويجري الشح والضنة فيه، وإذا ثبتت المالية جاز البيع.
ويكره بيع العذرة الخالصة؛ لأنها غير منتفع بها؛ لأن الناس لا يحرزونها ولا ينتفعون بها، وإنما ينتفعون بالمخلوط بالتراب، فالمخلوط بالتراب منتفع فيجوز البيع، أما غير المخلوط ليس يمنتفع فلا يجوز البيع، وهل يجوز استعمال العذرة الخالصة؟ فعن محمد رحمه الله أنه لا يجوز، وعن أبي حنيفة رضي الله عنه فيه روايتان.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» أيضاً: ولا بأس ببيع من يزيد وهو بيع الفقراء ومن كسدت بضاعته، والأصل فيه ما روي أن النبي عليه السلام باع حلساً وقدحاً ببيع من يزيد، ولأن الناس تعاملوا ببيع المزايدة في الأسواق من لدن رسول الله عليه السلام إلى يومنا هذا من غير نكير.
وإنما أورد هذه المسألة لإشكال، وهو أن الاستيام على سوم الغير منهي، قال عليه السلام: «لا يستام الرجل على سوم أخيه» وإذا أردت أن تعرف الفرق بين الاستيام على سوم الغير، وبين بيع المزايدة، فمعرفة ذلك بحرف، وهو أن صاحب المال إذا كان ينادي عن سلعته، فطلبه إنسان بثمن، فإن لم يكف عن النداء فلا بأس لغيره أن يزيد، ويكون