مراراً يشمت في كل مرة، فإن أخر يكفيه مرة واحدة، فإذا عطست المرأة فلا بأس بتشميتها؛ إلا أن تكون شابة، وإذا عطس الرجل فشمتته المرأة، فإن كانت عجوزاً يرد الرجل عليها، وإن كانت شابة يرد في نفسه، والجواب في هذا كالجواب في السلام.
يجب أن تعلم بأن مسائل النظر تنقسم إلى أربعة أقسام: نظر الرجل إلى الرجل، ونظر المرأة إلى المرأة، ونظر المرأة إلى الرجل، ونظر الرجل إلى المرأة (86ب2) .
أما بيان القسم الأول فنقول: يجوز أن ينظر الرجل إلى الرجل، إلا إلى عورته، وعورته ما بين سرته حتى يجاوز ركبته، والأصل فيه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عورة الرجل ما دون سرته حتى تجاوز ركبته» ، والتعامل في الحمام في إزار واحد من غير نكير منكر، ومثل هذا التعامل حجة في الشرع.
وكان أبو عصمة سعد بن معاذ المروزي يقول: إن السرة عورة؛ لأنها إحدى حدي العورة فتكون عورة كالركبة، بل أولى؛ لأنها في معنى الاشتهاء فوق الركبة، وحجتنا في ذلك حديث عمرو بن شعيب على ما روينا عن عمر رضي الله عنه: أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته، والتعامل الظاهر فيما بين الناس: أنهم إذا دخلوا الحمام، أبدوا عن سرتهم عند الاتزار من غير نكير منكر، ومثل هذا التعامل حجة، وكان الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل يقول: ما دون السرة إلى موضع نبات الشعر ليس بعورة، لتعامل بعض الناس في الإبداء عن ذلك الموضع عند الإتزار، ولكن هذا بعيد، فإن التعامل إنما يعتبر فيما لا نص فيه، دون السرة نص على ما روينا، وما جاز النظر إليه جاز مسه؛ لأن ما ليس بعورة فمسه والنظر إليه على السواء، وسيأتي الكلام فيه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وأما بيان القسم الثاني: فنقول: نظر المرأة إلى المرأة كنظر الرجل إلى الرجل؛ لأن المرأة لا تشتهي المرأة؛ كما لا يشتهي الرجل الرجل، فكما جاز للرجل النظر إلى الرجل؛ فكذا يجوز للمرأة النظر إلى المرأة.
وأما بيان القسم الثالث: فنقول: نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي تنظر إلى جميع جسده إلا ما بين سرته حتى تجاوز ركبته؛ لأن السرة فما فوقها وما تحت الركبة من الرجل ليس بعورة، وما ليس بعورة فالنظر إليه مبلغ الرجال والنساء جميعاً.