قوله ههنا يرتفع الخلاف. ولو أتى بها إنسان لا يكون مكروهاً.
وجه الكراهة على قول النخعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما على ما ذكره «القدوري» : أنه لو فعلها من كان منظوراً إليه، وظن ظان أنه واجب (85أ2) أو سنة متبعة عند حدوث نعمة فقد أدخل في الدين ما ليس منه، وقد قال عليه السلام: «من أدخل في الدين ما ليس منه فهو مكروه» .
قال محمد رحمه الله: ولا بأس بالمسابقة بالأفراس ما لم يبلغ غاية لا يحتملها الفرس؛ جاء في الحديث: تسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فسبق رسول الله، وصلى أبو بكر وثلث عمر، معنى قوله صلى أبو بكر: أنه كان راش دابة أبي بكر عند صلاة دابة رسول الله وهو الذنب، وكذلك لا بأس بالمسابقة بالإبل والرمي لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه السلام أنه قال: «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر» ، والمراد بالحافر الفرس، والمراد بالنصل الرمي، والمراد من الخف الإبل.
فإن شرطوا لذلك جعلاً، فإن شرطوا الجعل من الجانبين فهو حرام.
وصورة ذلك: أن يقول الرجل لغيره: تعال حتى نتسابق، فإن سبق فرسك، أو قال: إبلك أو قال: سهمك أعطيك كذا، وإن سبق فرسي، أو قال: إبلي، أو قال: سهمي أعطني كذا، وهذا هو القمار بعينه؛ وهذا لأن القمار مشتق من القمر الذي يزداد وينقص، سمي القمار قماراً؛ لأن كل واحد من المقامرين ممن يجوز أن يذهب ماله إلى صاحبه، ويستفيد مال صاحبه، فيزداد مال كل واحد منهما مرة وينتقص أخرى، فإذا كان المال مشروطاً من الجانبين كان قماراً، والقمار حرام، ولأن فيه تعليق تمليك المال بالخطر، وإنه لا يجوز.
وإن شرطوا الجعل من أحد الجانبين، وصورته: أن يقول أحدهما لصاحبه إن سبقتني أعطيك كذا، وإن سبقتك فلا شيء لي عليك، فهذا جائز استحساناً، والقياس أن لا يجوز.
وجه القياس: أن المال إذا كان مشروطاً من أحد الجانبين؛ إن كان لا يتمكن فيه معنى القمار؛ لأن المشروط له المال لا يذهب ماله بحال من الأحوال، والقمار أن يكون واحد من المقامرين بحال يجوز أن يذهب ماله، ويجوز أن يستفيد مال صاحبه لما ذكرنا