لأنه لا يدري لعل البئر تغور بما صب، والحوض إذا عظم ولعل ذلك القدر من الماء يختلط بالكل.
ولو حلف لا يشرب هذا الماء العذب فصبه في ماء مالح فغلب عليه وشرب لم يحنث. لأنه قيده بوصف ولم يبق ذلك الوصف بعد الخلط فعلم أنه صار مستهلكاً بالخلط. وكذلك لو حلف لا يشرب لبن ضأن فخلط بلبن معز. ولو حلف لا يشرب لبن هذه الشاة وهي ضأن فخلطها بلبن معز حنث، ولا يعتبر لأن في هذه المسألة اليمين وقعت على لبن الضأن. وإذا حلف شراب نحووم فشرب البكي للأخس أولاد فعلى قياس ما ذكر في الحيل لا يحنث في يمينه، وهو موافق للعرف وإذا حلف لا يشرب نبيذاً فاعلم أن النبيذ اسم لما ألقي فيه التمر أو الزبيب أو السكر أو الفانيد وغلى واشتد ولو شرب العصير الذي صار خمراً أو السكر لا يحنث هكذا ذكر في «الأصل» .
وفي «فتاوى الفضلي» : أن يمينه على النيء من ماء العنب قال الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» : المختار للفتوى أن يمينه على المسكر من ماء العنب ماء كان أو مطبوخاً لأن اسم النبيذ في العرف يقع على هذا ويسمى لمن شرب هذا نبيذ حرارة، ولا يسمى بهذا الاسم غيره، وكان شمس الأئمة السرخسي رحمه الله يقول: اسم النبيذ بالفارسية يقع على كل مسكر، وإذا حلف سكبي مخورد فيمينه على كل مسكر لكن من ماء العنب. سبكي خورد وفي «فتاوى النسفي» أن اسم السبكي يقع على كل مسكر سواء كان من ماء العنب أو غيره كاليكني والأجسمه ونحوهما. قال: أو كبه حلالاً كان ذلك أو حراماً حتى لو شرب المثلث الذي يجوز شربه يحنث في يمينه، والصحيح أن اسم السيكي يقع على المسكر من ماء العنب لا غير نيئاً كان أو مطبوخاً، وأما اسم الخمر وفارسيته حى وبعض مشايخ سمرقند رحمهم الله جعل هذا بمنزلة اسم قول السبكي.
وبعضهم قالوا: إن نوى المسكر فيمينه على النيء والمطبوخ جميعاً، والصحيح أن هذا على النيء من ماء العنب لا غير وإذا قال: مسكره تخوزم فقد قيل إن يمينه لا تقع على المتخذ من الحبوب لأن شرب ذلك حلال عند أبي حنيفة رحمه الله والسكر منه ليس بسكر حقيقية بمنزلة السكر في البنج ولبن الرمكة وأشباه ذلك ولهذا لو سكر منه لا يحل ولو طلق في السكر منه لا يقع طلاقه هكذا ذكر الصدر الشهيد رحمه الله فصل الحد والطلاق. فعلى قياس ما ذكر في عدم وجوب الحد وعن عدم وقوع الطلاق بناء على أن السكر الحاصل من هذه الأشربة ليس بسكر على الحقيقة ينبغي أن لا يحنث في يمينه، وقوله مسكره أي خورم، وبعض المشايخ قالوا: يحنث في يمينه، والصحيح أنه يعتبر فيه العرف إن كان في العرف يسمى الشراب المتخذ في هذه الأشياء مسكرة يحنث في يمينه، ومالا فلا.
إذا حلف لا يشرب نبيذ زبيب فشرب نبيذ كشمش يحنث في يمينه لأن الكشمش نوع من الزبيب.