ينوي جميع المأكولات، لأن اللفظ في باب الأيمان مراعى، وإذا نوى (383ب1) جميع المأكولات حينئذ لأنه نوى ما يراد به في العرف فتصح نيته، وقد قيل: إن كانت اليمين بالعربية لا يحنث بأكل المأكولات، وإن كانت اليمين بالفارسية يحنث؛ لأن فارسية الأكل والشرب واحد وهو نظيرما قيل فيما إذا حلف لا يأكل هذا السويق فشربه شرباً إنه إن كانت اليمين بالعربية لا يحنث، وإن كانت اليمين بالفارسية يحنث، وطريقه ما قلنا.
ولو حلف لا يشرب مع فلان فشربا في مجلس واحد حنث في يمينه، وإن كان الإناء الذي يشربان منه مختلفاً، وكذا إن شرب الحالف من شراب والآخر من شراب، وإذا حلف لا يشرب شراباً ولا نية له فأي شراب يشرب من ماء أو غيره يحنث هكذا ذكر في أيمان «الأصل» .
وفي «الأصل» : إذا حلف لا يشرب الشراب، ولا نيه له فهو على الخمر. قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: فإذا في المسألة روايتان، وفي «فتاوى أهل سمرقند» أنه لا يحنث بشرب الماء لأنه لا يسمى شراباً عرفاً، وحكي عن شمس الأئمة السرخسي رحمه الله ما هو قريب من هذا، فإنه قال: في عرف الفارسية من حلف شراب نمن خمرم لا يقع ذلك على الماء واللبن.
وإذا حلف لا يشرب لبناً فصب الماء في اللبن فالأصل في هذه المسألة، وأجناسها أن الحالف إذا عقد يمينه على ما يقع فاختلط بمائع آخر من خلاف جنسه إن كانت الغلبة لغير المحلوف عليه لا يحنث، وإن كان سواء فالقياس أن يحنث، وفي الاستحسان لا يحنث، وفسر أبو يوسف رحمه الله الغلبة فقال: أن يستبين لون المحلوف عليه ويوجد طعمهُ.
وقال محمد رحمه الله: تعتبر الغلبة من حيث القلة والكثرة بالأجزاء. وإذا حلف لا يشرب اللبن فصب فيه الماء وإن كان يوجد طعم اللبن ويرى لونه فهو غالب فيحنث عند أبي يوسف رحمه الله، وبدون ذلك لا يحنث. وأما إذا اختلط بمائع آخر من جنسه كاللبن إذا اختلط بلبن آخر فعند أبي يوسف رحمه الله هذا والأول سواء يعني يعتبر الغالب غير أن الغلبة من حيث اللون والطعم لا يمكنه اعتبارها ههنا فيعتبر بالقدر، وعند محمد رحمه الله يحنث ههنا لكل حال؛ لأن الشيء لا يصير مستهلكاً بجنسه وإنما يصير مستهلكاً خلاف الجنس، فإذا لم يصر مستهلكاً..... يلزمه الحنث، قالوا: وهذا الاختلاف فيما يمتزج ويختلط بالمزج والخلط أما ما لا يمتزج بالخلط كالدهن وكان الحلف على الدهن يحنث بالاتفاق لأن الدهن يكون منفصلاً فيصير بشرب المخلوط شارباً المحلوف عليه على كل حال فيحنث في يمينه.
وفي «القدوري» : إذا حلف على قدر من ماء زمزم لا يشرب منه شيئاً وصبه في ماء آخر حتى صار مغلوباً وشرب منه يحنث عند محمد رحمه الله لما بيننا في «أصله» ، أن الشي لا يصير مستهلكاً بجنسه، ولو صبه في بئر أو حوض عظيم وشرب منه لا يحنث