ولو قال: عليَّ يمين إن شئت، فقال: قد شئت لزمه. هذا مثل قوله: عليَّ يمين إن كلمت فلاناً، وكذلك إذا قال: عليَّ عهد الله أو ميثاقه أو ذمته فهو يمين، وإذا قال: لله فتم يأخذاي كي إن جرية كه يو بيارى ني خورم فقد قيل إنه يكون يميناً إذا نوى اليمين، والأصح أنه يمين بدون النيّة، فإن قوله بدرفتم وعهد كردم سواء وذاك يمين فهذا كذلك، وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «شرحه» أورد في غير رواية الأصول إذا قال: عليَّ يمين محلوفه وبغيره «سوكند خورده كه ابن كاد في كنم» فهو يمين. قال رحمه الله: وإذا قال: «سوكند خوردم» لا يكون يميناً، ولو قال: مي خودم، ولو قال: حرفي يكون؛ لأن الأول عِدَة، والثاني: إيجاب، ألا ترى أن قول الشاهد بين يدي القاضي كواني دهم لا تكون شهادة، وإذا قال: ني دهم يكون شهادة، وقيل «سوكند خورم» يمين أيضاً لأنه بغير قوله: أحلف وذلك يمين فكذا هذا، مذكور في «فتاوى النسفي» رحمه الله وكذلك إذا قال: «سوكند خوردم» يكون يميناً، ولو قال: «سوكند خورده أم» إن كان صادقاً كان يميناً، وإن كان كاذباً فلا شيء.
وفي «الواقعات» في باب: السير إذا قال: «سوكند خوردام يحذاي» إن فعلت كذا فهو يمين لأن الناس تعارفوه يميناً، ولو قال: «ومن سوكند است كي ابن كاريكنم» فهو يمين وهو معنى قوله: عليَّ يمين، ولو قال: «مرا سوكند بطلاق است كي شراب تخورم» فشرب طلقت امرأته، وإن لم يكن حلف ولكن قال: قلت هذا لدفع تعرضهم لا بصدق قضاء وإذا قال: «مراسوكند خانه است كشراب نخورم» وشرب طلقت امرأته؛ لأن أوهام الناس تنصرف. ذكره في «فتاوى النسفي» ولم يشترط فيه نية المرأة، والشيخ الإمام الأجل ظهير الدين المرغيناني رحمه الله كان يشترط النية لوقوع الطلاق، والأصح أنه لا يشترط.
وفي «فتاوى الأصل» إذا قال لامرأته: لا تخرجي من الدار بغير إذني فإني قد حلفت بالطلاق فخرجت بغير إذنه لا تطلق لأنه ما أضاف الطلاق إليها، وروي عن محمد رحمه الله إذا قال: آليت لا أفعل كذا فهو يمين لأن الألية هي اليمين فكأنه قال: أحلف، ولو قال: لا إله إلا الله أفعل كذا أو سبحان الله أفعل كذا فليس بيمين إلا أن ينويه والله أعلم.
نوع آخر في الحلف به ذات الله تعالى
قال مشايخ العراق رحمهم الله: إذا حلف بصفة من صفات الله تعالى فهو يمين، وإن حلف بصفة من صفات الفعل فليس بيمين، وجعلوا للتفاضل بين صفات الذات، وبين صفات الفعل علامة فقالوا: كل صفة يوصف الله تعالى بها وبضدها فهي من صفات الفعل كأوصاف الغضب والرحمة والسخط فهذه الصفات مما يوصف الله تعالى بها وبضدها كما يقال: الله تعالى يرحم المؤمنين ولا يرحم الكفار، ويرضى عن المتقين ويغضب عن المنافقين، وكل صفة يوصف الله تعالى حمداً ولا يوصف بضدها فهي من صفات الذات كالعظمة والعزة، قالوا: والقياس أن يكون قوله: وعلم الله يميناً لأن العلم من صفات الذات يوصف الله تعالى به ولا توصف (بضده) ، إلا أنا تركنا القياس فيه لأنه