وفيه أيضاً إذا قال: الخنزير حرام فهو ليس بيمين إلا أن يقول حرام علي إن أكلته. وعلى فتاوى مسألة الخمر يجب أن يكون فيه خلافاً بين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعلى ما اختاره الصدر الشهيد رحمهم الله في مسألة الخمر يجب أن تكون مسألة الخنزير كذلك. وفي «البقالي» أيضاً إذا قال: إن أكلت هذا الطعام فهو عليَّ حرام فهذا ليس بيمين حتى لو أكله لا تلزمه الكفارة، ولو قال: والله لا آكل هذا الطعام فإن أكلته فهو علي حرام، فأكل منه لزمه الكفارة. وفي «المنتقى» إذا قال لغيره: كل طعام أكلته في منزلك فهو علي حرام، وفي القياس: لا يحنث إذا أكله، وهكذا روى ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله لانه حرمه بعدما أكله. وفي الاستحسان يحنث ويكون هذا على معاني كلام الناس والناس يريدون بهذا إن أكله حرام. وفي «الحيل» إن أكلت عندك طعاماً أبداً فهو علي حرام فأكل لم يحنث، ولو قال: هذا الثوب عليَّ حرام إن لبسته فلبسه ولم ينزعه حنث في يمينه.

امرأة قالت لزوجها: أنت عليَّ حرام أو قالت: حرمتك على نفسي. فهذا يمين، حتى لو طاوعته في الجماع كان عليها الكفارة، وكذلك لو أكرهها على الجماع يلزمها الكفارة بخلاف ما إذا حلف لا يدخل دار فلان فأدخل، جئت إلى أصل المسألة وهو قوله يهودي أو نصراني إن فعل كذا إذاكان يميناً وفعل ذلك الفعل (361أ1) لا أفعل كذا فهو يمين وهو متعارف أهل بغداد، ولو قال: ووجه الله فهو يمين لأن الوجه يذكر ويراد به الذات قال الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} . (القصص: 88) معناه: إلا هو.

فروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنها ليست بيمين، وتأويله إذا قصد بذلك الجارحة، ولو قال: لعمر الله فهو يمين لأنه حلف ببقاء الله سبحانه وتعالى، ولو قال: أقسم أو أقسم بالله أو أشهد أو اشهد بالله أو أعزم أو أعزم بالله فهو يمين، ولو قال: عليَّ يمين أو يمين الله فهو يمين، أما إذا قال: عليَّ يمين الله، فلأن معناه عليَّ موجب يمين الله، وأما إذا قال: عليَّ يمين لأن اليمين بغير الله حرام، فكأنه قال: عليَّ يمين الله.

وفي «المنتقى» إذا قال: علي يمين لا كفارة لها يريد به الإيجاب فعليه يمين لها كفارة. رواه عن أبي حنيفة رحمه الله. وفيه أيضاً عن أبي يوسف إذا قال: لله عليّ يمين وهو يريد أن يوجبها على نفسه ولم يقل: إن فعلت فليس عليه شيء، وكذلك إذا قال: لله على يمين غداً وهو مثل قوله: والله ولم يقل شيئاً، ولو قال: لله علي يمين إن جاء غد فهذا مثل قوله: إن فعلت، ولو قال: إن فعلت كذا فعلي يمين إن شاء فلان ففعل كل ذلك الفعل وشاء فلان لزمته كما قال، ولو قال: إن كلمت فلاناً فعلي من الأيمان ما شاء فلان، أو شاء الرجل من يلزمه من الأيمان ثلاثة أو أقل أو أكثر لم يلزمه ذلك ولا يشبه هذا تسمية الحالف الأيمان، وأشار إلى العرف فقال: إذا سمى الحالف الأيمان فقد جعلها على نفسه وجعل حنثه في مشيئة فلان، وإذا قال: فعلي من الأيمان ما شاء فلان فليس هذا حنثاً بمشيئة فلان، فهذا يمين له رجل، وقال الآخر: عليَّ من الأيمان ما شئت، فقال الآخر شئت يمينان وهناك لا تلزمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015