يضر بغيره من غير حاجة، بخلاف ما لو عتق الأول نصيبه، فإن للساكت أن يعتق إذ ليس في تلك الصورة في إعتاق نصيبه إبطال حق الحرمة على صاحبه؛ إذ ليس لصاحبه حق الخدمة بعد ما أعتق نصيبه، فالخلاف ما إذا أراد الساكت أن يدبر نصيبه؛ لأنه لا يفوت على صاحبه منفعة الخدمة، بل يبقى حق الخدمة كما كان، وبخلاف ما إذا أراد استسعاء العبد فإن له ذلك، وإن كان يعتق نصيبه ويفوت حق صاحبه في الخدمة؛ لأن الاستسعاء محتاج إليه ليصل إلى بدل ملكه، فإنه تعذر عليه الوصول إلى بدل ملكه بالبيع، فكان محتاجاً إلى الاستسعاء، وإنما احتاج إليه من جهة المدبر فكأن المدبر أعتق نصيبه.
وجه رواية كتاب العتاق: أنا لو منعناه عن الإعتاق فقد أبطلنا عليه ملكه من غير عوض، فمتى أطلقنا له الإعتاق إن كان يبطل حق صاحبه في الخدمة لكن بعوض، ولا شك أن الإبطال بعوض أولى من الإبطال بغير عوض، فإن اختار الساكت التدبير في نصيبه صارت الجارية مدبرة بينهما، وكان لكل واحد منهما أن يستسعيها، وأن يستخدمها بجهة الرق.
وإن أعتق نصيبه كان للمدبر خيارات ثلاثة في نصيبه إذا (كان) المعتق موسراً إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء ضمن المعتق قيمة نصيبه مدبراً، وإن شاء استسعى العبد في قيمة نصيبه مدبراً.
وإن اختار الساكت استسعاء العبد، واستسعاه في قيمة نصيبه عتق نصيبه بأداء السعاية، و (إن كان المعتق معسراً) فللمدبر في نصيبه خيارات (إن) شاء (الله) أعتق نصيبه وإن شاء استسعى العبد في نصيبه، وليس له أن يضمن المعتق نصيبه.
وإن كان موسراً فرق بين الاستسعاء وبين الإعتاق، فإن الساكت إذا أعتق نصيبه كان للمدبر أن يضمنه قيمة نصيبه إذا كان موسراً، وفي الفصلين جميعاً عتق نصيبه من جهته، وإن اختار الساكت أن يترك نصيبه على حاله فله ذلك؛ لأنه استيفاء ملك، وليس فيه إبطال حق على أحد، وإن اختار الساكت تضمين المدبر وضمنه قيمة نصيبه صار نصيبَ الساكت فهو كالمدبر، ويكون نصف العبد رقيقاً ونصفه مدبراً وكان للمدبر في النصف الذي ملكه من جهة صاحبه خيارات أربعة إن (شاء) أعتقه، وإن شاء استسعاه وإن شاء تركه على حاله؛ لأنه استفاد الملك فيه من جهة الساكت فيكون فيه مثل ما كان للساكت، والله أعلم.
قد ذكرنا أن الساكت إذا أعتق نصيبه فللمدبر أن يضمنه قيمة نصيبه مدبراً فلا بد من معرفة قيمة المدبر، وتكلم المشايخ فيه، بعضهم قالوا: ينظر بكم تستخدم هذه مدة عمره؛ لأن الباقي بعد التدبير ملك الخدمة لا غير، وبعضهم قالوا: يقوّم فائت المنافع التي تقوم بالتدبير، قالوا: وإلى هذا أشار محمّد رحمه الله في بعض الكتب.
وبعضهم قالوا: يعتبر نصف قيمته لو كان قناً؛ لأن الانتفاع بالمملوك نوعان: انتفاع