والمعتوه الغالب لا يصح تدبيرهما، ويصح تدبير السكران، وكذا المكره على التدبير إذا دبر يصح تدبيره، وإنما يصح باعتبار العتق لا من حيث إنه وصية، فإن الوصية من المكره لا تصح، والمكاتب إذا دبر مملوكاً من كسبه لا يصح، وكذا العبد المأذون له في التجارة إذا دبر لا يصح تدبيره.

وإذا قال لغيره: دبر عبدي، فأعتقه المأمور لا يصح، لأنه أمره بعتق معلق وقد أتى بعتق منجز، وهما مختلفان.

وإذا جعل الرجل أمر عبده إلى صبي، فقال: دبره إن شئت فدبره، فهو جائز سواء كان الصبي يعقل أو لا يعقل، إن كان يعقل فظاهر، وإن كان لا يعقل فطريقه: أن يجعل كلام الصبي شرطاً لوقوع التدبير، كأنه قال لصبي لا يعقل: إن قلت إنك مدبر فهو مدبر، وقول الصبي يصلح لشرط وقوع التدبير كما يصلح شرط وقوع الحرية، وإذا جعل أمر عبده في التدبير إلى رجلين فدبره أحدهما لا يصح.

وإذا دبر عبده، ثم ذهب عقله ومات فالتدبير على حاله وإن كان فيه معنى الوصية، بخلاف ما إذا أوصى برقبته لإنسان ثم جن، ثم مات حيث تبطل الوصية. والفرق أن الوصية بالرقبة لا تقع لازمة حتى يملك الوصي فسخها قصداً بالرجوع، وحكماً بالبيع، فيكون لولد..... حكم للابتداء مما يمنع ابتداء الوصية يمنع بقاؤها. أما التدبير يجب له ذمةً حتى لا يملك المولى فسخه، فلا يكون لدوامه حكم الابتداء حتى يقال ما يمنع ابتداؤه يمنع بقاه.

ولو قال: يوم أدخل الدار فعبدي هذا حر بعد موتي، فذهب عقله ثم دخل الدار كان مدبراً، وكان ينبغي أن لا يصير مدبراً؛ لأن المعلق بالشرط عند الشرط كالمرسل، وعند الشرط هو معتق، قلنا: المعلق بالشرط كالمرسل عند الشرط، ولكن على الوجه الذي تعلق بالشرط، وقد تعلق بالشرط تدبير صحيح، فينزل عند الشرط تدبيراً صحيحاً أيضاً.

وفي اختلاف زفر ويعقوب إذا قال لعبده: إن مت أو قتلت فأنت حر، فعل قول زفر هو مدبر؛ لأن عتقه تعلق بمطلق موت المولى حتى يعتق إذا مات على أي وجه مات، وعلى قول أبي يوسف: لا يكون مدبراً؛ لأنه علق عتقه بأحد شيئين، فالقتل إن كان موتاً فالموت ليس بقتل، والتعليق بأحد الشيئين يمنع أن يكون..... في أحدهما خاصة، فلا يصير مدبراً حتى يجوز بيعه، والله أعلم.

نوع آخر من هذا الفصل

كل تصرف يقع في الحر بحال الإجارة والاستخدام والتزويج لا يمتنع في المدبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015