للإرث، وابن العم وإن كان وارثاً فهو ليس بمحرم للصغير.
والحاصل: أن هذه النفقة لا تجب إلا على ذي رحم محرم هو أهل للإرث سواء كان وارثاً في هذه الحالة أو لم يكن، وعندالاستواء في المحرمية وأهلية (317أ1) الإرث يترجح من كان وارثاً حقيقة في هذه الحالة، حتى إنه إذا كان له عم وخال فالنفقة على العم لأنهما استويا في المحرمية، وترجح العم على الخال في هذه الحالة لكونه وارثاً حقيقة. وكذلك إذا كان له عم وعمة وخالة فالنفقة على العم الموسر لا غير؛ لأنه ساواهما في المحرمية، والعم هو الوارث دونهما فتكون النفقة عليه، ولوكان العم معسراً فالنفقة على العمة والخالة أثلاثاً على قدر ميراثهما، ويجعل العم كالميت.
إذا ثبتت هذه الجملة فنقول: هذه النفقة لا تجب إلا على الموسر ولا تجب على الفقير لا قليل ولا كثير؛ لأن هذه النفقة تجب بطريق الصلة، والصلات تجب على الأغنياء، ودون الفقراء لمكان التعارض.
ثم لا بد من معرفة حدّ اليسار الذي تعلق به وجوب هذه النفقة. ذكر ابن سماعة عن أبي يوسف رحمهما الله: أنه اعتبر نصاب الزكاة، وروى هشام عن محمد رحمهما الله إذا كان له نفقة شهر لنفسه وعياله وفضل على ذلك يجبر على نفقة الأقارب، وإن لم يكن له شيء واكتسب كل يوم درهماً ويكفيه أربعة دوانيق ينفق الفضل عليهم. وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله: أن المعتبر بسائر (ما) يحرم الصدقة بأن يملك ما فضل عن حاجته ما يبلغ مائتي درهم فصاعداً وهو الصحيح، وهذا لأنه لم يشترط بوجوب صدقة الفطر غنىً موجباً للزكاة، وإنما شرط غنىً يحرم الصدقة، فكذا في حق إيجاب النفقة لأن النفقة بصدقة الفطر أشبه منه بالزكاة؛ لأن في صدقة الفطر معنى المؤنة، ومعنى الصدقة.
فإذا لم يشترط لصدقة الفطر غنىً موجباً للزكاة وهي صدقة من وجد مؤنة من وجه فلأن لا يشترط لوجوب النفقة غنىً موجباً للزكاة وإنها مؤنة من كل وجه كان أولى.
قال ولا يقضى بنفقة أحد من ذوي الأرحام إذا كان غنياً والكبار الأصحاء، فلا يقضى لهم بنفقتهم على غيرهم وإن كانوا فقراء إلا الأبوين والجد والجدة مع عدمهما. وقد ذكر هذا فيما تقدم. وتجب نفقة الإناث الكبار من ذوي الأرحام وإن كُنَّ صحيحات البدن إذا كان بهن حاجة إلى النفقة. وقد ذكرنا مثل هذا في نفقة الأولاد.
ثم الأصل في نفقته من سوى الوالدين من ذوي الرحم المحرم أنه ينقسم على الميراث؛ لأن الله تعالى أوجب النفقة باسم الوارث. قال الله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} (البقرة: 233) فقد أوجب باسم الوارث فيجب التقدير به.
ولهذا قلنا: إن الرجل إذا أوصى لورثة بني فلان وله بنون وبنات كانت الوصية لهم على قدر الميراث ولو أوصى لولد فلان كان الذكور والأنثى فيه على السواء، على هذا تخرج جنس هذه المسائل.
قال: إذا كان للصغير أم وعم أو أم وأخ لأب وأم كل واحد منهما موسر فالنفقة عليهما على قدر الميراث، وكذلك الرضاع عليهما أثلاثاً فالنفقة عليهما؛ لأن الرضاع نفقة