والأم النفقة عليهما على قدر ميراثهما أثلاثاً فكذا في الجد والأم، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أن النفقة كلها على الجد، وهذا أليق بمذهب أبي حنيفة رحمه الله في الميراث فإنه يلحق الجد بالأب مطلقاً حتى قال: الجد أولى من الأخوة والأخوات.
قال: وإن كان للفقير أولاد صغار وجد موسر لم تفرض النفقة على الجد؛ لأن النفقة لا تجب على الجد حال قيام الأب، ولكن يؤمر الجد بالإنفاق صيانة لولد الولد، ويكون ديناً على والد الصغار كأن والد الصغار أمره بذلك كذا ذكَرَ هذه المسألة في «القدوري» . فلم يجعل النفقة على الجد حال عسرة الأب.
وقد ذكرنا في أول هذا النوع أب الأب الفقير يلحق بالميت في حق استحقاق النفقة على الجد، وهذا هو الصحيح من المذهب، وما ذكر في «القدوري» فذاك قول الحسن بن صالح. هكذا ذكر رحمه الله في شرح «أدب القاضي» للخصاف، قال: وإن كان الأب زَمِنَاً قضى بنفقة الصغار على الجد ولم يرجع على أحد بالإنفاق؛ لأن نفقة الأب في هذه الحالة على الجد، فكذا نفقة الصغار.
وروي عن أبي يوسف رحمه الله: في صغير له والد محتاج وهو زَمِنٌ فرضت نفقته على قرابته من قبل أبيه دون أمه، فكل من يجبر على نفقة الأب يجبر على نفقة الغلام، فإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه قضيت بالنفقة على أبيه، وأمرت قرابة الأم بالإنفاق فيكون ذلك ديناً على الأب، هذا لأنّ قرابة الأم لا يجوز أن تجب عليهم نفقة الولد؛ لما عرف أن الأب لا يشاركه غيره في نفقة الصغير، فإن لم يكن للأب قرابة لم يبق ههنا وجهاً سوى أن يقضى بالنفقة على قرابة الأم ويكون ذلك ديناً على الأب كيلاً يشاركه الأب غيره في نفقة الولد، فأما قرابة الأم فما يلزمهم نفقة الأب فجاز أن يلزمهم نفقة الغلام لكون نفقة ولده جارياً مجرى نفقته.
هكذا ذكر هذه المسألة في «شرح القدوري» : وهذا الجواب إنما يستقيم إذا لم يكن في قرابة الأم من يكون محرماً للصغير، ويكون أهلاً للإرث، لأن شرط وجوب النفقة في غير قرابة الأولاد المحرمية وأهلية الإرث على ما يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى، فأما إذاكان في قرابة الأم من كان محرماً للصغير وهو أهل للإرث، تجب عليه النفقة ويلحق الأب المعسر بالميت لما ذكرنا قبل هذا.
النوع الخامسنفقة من سوى الوالدين والمولودين من ذوي الأرحام
والأصل فيه قول الله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} (البقرة: 233) المراد: الوارث الذي هو ذو رحم محرم، وهو قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهكذا كان يقرأ، وبه أخذ أصحابنا رحمهم الله حتى لا تجب النفقة على ابن العم وإن كان وارثاً؛ لأنه ليس بمحرم للصغير، والمراد من الوارث المذكور في هذه الآية كونه أهلاً للإرث لا كونه وارثاً حقيقاً، وبه أخذ أصحابنا رحمهم الله حتى إنه إذا اجتمع الخال وابن العم فالنفقة على الخال عند علمائنا رحمهم الله وإن كان الميراث لابن العم؛ لأن الخال ذو رحم محرم وهو أهل