قال: رجل، وله ابنان أحدهما موسر مكثر والآخر متوسط الحال كانت نفقة الأب عليهما، يجعل على الموسر المكثر من ذلك أكثر مما يجعل على الآخر هكذا ذكر الخصاف في «أدب القاضي» وفي «نفقاته» ، وذكر محمد رحمه الله في «المبسوط» وقال: يكون بينهما على السواء لأن العبرة لليسار، وكل واحد منهما موسر، فكانت النفقة عليهما على السواء.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: قال مشايخنا رحمهم الله: إنما تكون النفقة عليهما على السواء إذا تفاوتا في اليسار تفاوتاً يسيراً. أما إذا تفاوتا فاحشاً يجب أن يتفاوتا في قدر النفقة. ثم إذا قضى القاضي بالنفقة عليهما فيأمر أحدهما أن يعطي الأب ما يجب عليه، فالقاضي يأمر الآخر بأن يعطي كلّ النفقة ثم يرجع على الآخر بحصته لأنه لو لم يكن إلا هو كان كل النفقة عليه. فإذا وقع العجز عنها من جهة الأخ يؤخذ كل ذلك منه ثم هو يرجع على الأخ بحصته. قال: وإذا كان للرجل المعسر زوجة ليست أم ابنه الكبير لم يجبر الابن على أن ينفق على امرأة أبيه. وكذلك أم ولده وأمته فلا يجبر الابن على نفقة هؤلاء، وهذا لأن نفقة الأب إنماوجبت بسبب القرابة ولا قرابة بينه وبين امرأة أبيه وبين أم ولده وأمته، فلا يجبر على النفقة عليهما إلا أن يكون بالأب علة لا يقدر على خدمة نفسه، فيحتاج إلى خادم يقوم بشأنه ويخدمه فحينئذ يجبر الابن على نفقة خادمة الأب منكوحة كانت أو أمة؛ لأن الأب لا يستغني عنها فصار ذلك من فروض حاجة الأب، فصار كنفقة الأب، فجاز أن يستحق بقرابة الأب.

هكذا ذكر الخصاف في «أدب القاضي» فعلى هذا لا يحتاج إلى الفرق بين امرأة الأب وبين امرأة الابن، فإن الابن إذا كان معسراً وكان عاجزاً عن خدمة نفسه بأن كان زَمِنَاً أو صغيراً بحيث لا يأكل وحده ولا يشرب وحده يفرض نقد خادمة على الأب، وإن كان صحيح اليدين يمكنه خدمة نفسه لا يفرض كما في الأب.

وذكر هشام في «نوادره» عن أبي يوسف رحمهما الله أنه يفرض نفقة امرأة الأب على ابنه إذا كانت المرأة عنده مطلقاً، فعلى هذا يحتاج إلى الفرق بين امرأة الأب وبين امرأة الابن.

ووجه الفرق بينهما: وهو أن نفقة الأب تشبه نفقة المرأة من وجه حتى يستحق مع ضرب غنيه بأن كان الأب قادراً على الكسب ثم يفرض نفقة خادم المرأة على الزوج على كل حال، فكذا نفقة خادم الأب.

أما نفقة الابن صلة محضة لا تشبه نفقة المرأة بوجهٍ ما، حتى لا يستحق مع ضرب عينيه بأن كان الابن قادراً على الكسب فكانت نفقة الولد نظير نفقة سائر الأقارب، تجب نفقة القريب ولا تجب نفقة الخادم كذا ههنا.

قال: ولو أن امرأة معسرة لها ابن موسر ولها زوج معسر، وليس هو أب الابن كان نفقتها على زوجها، ونفقة الزوجة لا تسقط بالعسار على ما مرّ في نفقات الزوجات (316أ1) إلا أن ههنا يؤمر الابن أن يقرضها على زوجها، فإذا أيسر الزوج رجع عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015