والصلات المالية ما شرعت إلا على أهل الثروة واليسار، واعتبره بصدقة الفطر والأضاحي.
هكذا ذكر شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله وشمس الأئمة السرخسي رحمه الله، والخصاف رحمه الله في «كتابه» اعتبر القدرة على الإنفاق ولم يعتبر اليسار، حتى إذا كان في كسب الابن فضلٌ عن قوته يجبر الابن على أن ينفق على أبيه من ذلك الفضل وهو موافق (لقوله) عليه السلام: «كلوا من كسب أولادكم» .
قال: فإن كان الأولاد ذكوراً وإناثاً موسرين فنفقة الأبوين عليهم بالسوية في أظهر الروايتين، وروى الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله أن النفقة بين الذكور والإناث أثلاثاً قياساً على الميراث واعتبره بنفقة ذوي الأرحام.
وجه الرواية الأخرى وهو الأصح: أن استحقاق الأبوين باعتبار حق الملك لهما في مال الولد لما روينا من الحديث. وفي هذا الذكور والإناث سواء، ولهذا ثبت لهما هذا الاستحقاق مع اختلاف المسألة عندنا وإن انعدم التوارث بسبب اختلاف المسألة، ثم يفرض على الابن نفقة الأب إذا كان محتاجاً والابن موسراً سواء كان الأب قادراً على الكسب أو لم يكن. هكذا ذكر خواهر زاده في «شرح المبسوط» .
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرح أدب القاضي» للخصاف أن الأب إذا كان كسوباً والابن أيضاً كسوب يجد الابن على الكسب والنفقة على الأب. وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «أدب القاضي» للخصاف أنه لا يجبر الابن على نفقة الأب إذا كان الأب قادراً على الكسب فاعتبره بذي الرحم المحرم، فإنه لا يستحق النفقة في كسب قريبه ولا على قريبه الموسر إذا كان هو كسوباً، وهذا لأن استحقاق النفقة على الأقارب عندنا: الفقر والحاجة، فإذا كان قادراً على الكسب كان غنياً باعتبار الكسب، فلا ضرورة إلى إيجاب النفقة على الغير ثم على ما ذكر خواهر زاده وشمس الأئمة السرخسي رحمهما الله يحتاج إلى الفرق بين نفقة الولد وبين نفقة الوالد، فإن الولد إذا كان ذكراً بالغاً وهو قادر على الكسب لا يجب على الأب نفقته.
والفرق: وهو أن استحقاق نفقة الأقارب باعتبار الحاجة، وللأب زيادة فضلة على الولد في الاستحقاق باعتبار الحاجة، فإنه يستحق مال ولده بالحاجة الضرورية، وهي الحاجة إلى النفقة. وبغير الحاجة الضرورية كالاستيلاد، والولد لا يستحق مال الوالد إلا بالحاجة الضرورية وهي الحاجة إلى النفقة. فلو شرط عجز الأب عن الكسب لاستحقاق النفقة على الابن كما شرح في حق الابن لوقعت المساواة بينهما في الاستحقاق بسبب الحاجة. وهذا مما لا وجه له ولا سبيل إليه.
فالحاصل: أن في نفقة الوالدين يعتبر الفقر لا غير على ما هو «ظاهر الرواية» إلا على قول شمس الأئمة الحلواني رحمه الله.