وبعدما فرض لها القاضي النفقة كل شهر أو قالت ذلك، إن قالت قبل أن يمضي زمان من وقت الفرض برىء من نفقة الشهر الأول لا غير ولو قال: بعدمامضى أشهر صحت البراءة لما مضى دون ما بقي واعتبره ما لا...... آخره انعدام الذي أخره سنة ومضى على ذلك بعض السنة صح الإبراء لما مضى دون ما بقي، وكذلك لو أخره كل شهر بكذا أو كل سنة بكذا ثم آبرأه عن الآخر صح للشهر الأول وللسنة الأولى كذا ههنا والله أعلم بالصواب.
النوع الثامن في الصلح عن النفقة
قال: وإذا (308ب1) صالحت المرأة زوجها من نفقتها من ثلاثة دراهم من كل شهر فهو جائز وكان ينبغي أن لا يجوز لأن الصلح من نفقتها إبراء بعوض فيعتبر بالإبراء بغير العوض، وذلك لا يصح لما أن النفقة للحال ليست بواجبة وإنما تجب شيئاً فشيء.
والجواب: هذا إنما يستقيم إذ لو كان جواز الصلح عن النفقة بطريق المعاوضة وجواز هذا الصلح ليس بطريق المعاوضة إنما يكون بطريق أنه تقدير لنفقتها كل شهر بشيء معلوم وتقدير النفقة كل شهر بشيء معلوم جائز.
وهذا بخلاف الأجر أو إبراء المستأجر عن الأجر قبل استيفاء المنفعة حيث يجوز لأن هناك سبب الوجوب وهو العقد موجود فقام مقام حقيقة الوجوب في حق صحة الإبراء فكان إبراءً بعد الوجوب، أما ههنا فسبب الوجوب النفقة في المستقبل وهو الاحتباس في المستقبل، وأنه غير موجود للحال ثم الأصل في جنس مسائل الصلح عن النفقة أن الصلح عن النفقة من الزوجين متى حصل شيء يجوز للقاضي أن يفرض على الزوج في نفقتها بحال يعتبر الصلح منها تقدير للنفقة ولا يعتبر معاوضة، سواء كان هذا الصلح قبل فرض القاضي النفقة وقبل تراضي الزوجين على شيء لكل شهر، أو كان هذا الصلح بعد فرض القاضي لها النفقة، أو بعد تراضيهما على شيء لكل شهر، وإن وقع الصلح على شيء لا يجوز للقاضي أن يفرض على الزوج في نفقتها بحال، كما لو وقع الصلح على عبد أو ثوب.
ينظر إن كان الصلح بينهما قبل قضاء القاضي لها بالنفقة، وقبل تراضيهما على شيء لكل شهر يعتبر الصلح منها تقدير للنفقة أيضاً، وإن كان الصلح بعد فرض القاضي لها النفقة أو بعد تراضيهما على شيء لكل شهر يعتبر هذا الصلح منها معاوضة.
وفائدة اعتبار التقدير أن تجوز الزيادة على ذلك والنقصان عنه، وفائدة اعتبار المعاوضة أن تجوز الزيادة على ذلك ولا يجوز النقصان عنه، وعلى هذا الأصل يخرج جنس هذه المسائل.
قال: وإذا صالحت المرأة زوجها على ثلاثة دراهم لكل شهر، فقالت المرأة: لا يكفيني بهذا القدر.