دمتما زوجين تقع على الأبد ما داما زوجين. وتصح الكفالة كذا ههنا.
وجه قول أبي حنيفة رحمه الله: أن العمل بكلمة كل متعذر في الكفالة لأن كلمة متى أضيفت إلى جملة من الأعداد قائماً يتناول كل عدد من تلك الجملة على سبيل الانفراد.
ألا ترى أنه لو قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق يجب بنكاح كل امرأة تزوجها كأنه عقد اليمين عليها لا غير، ولا يشترط نكاح الجماعة لوقوع الحنث كان يتناول كل عدد من الجملة على سبيل الانفراد لو صححنا الكفالة في الشهر الثاني والثالث فقد تناولت الكفالة الشهر الثاني والثالث كما تناولت الشهر الأول لا يبنيان بلفظ واحد عقدين مختلفين، أحدهما مرسل والآخر مضاف وبين المرسل والمضاف تصادق ينافي، وإذا تعذر العمل بكلمة كل..... كلفة كل فصار كأنه قال: كفلت بنفقة شهر.
ونظيره الإجارة إذا أجر داره كل شهر بعشرة تنصرف الإجارة إلى شهر واحد كأنه قال: أجرتك شهراً ولهذا كان لصاحب الدار أن يخرجه متى حازا بين الشهر الثاني. كذا ههنا: بخلاف ما لو قال: كفلت لك بنفقة كل شهر عشرة أبداً ما عاشت كان الضمان صحيحاً كما قال؛ لأن هناك المذكور وقت واحد وهو العمر فيكون الثابت عقداً واحداً فصحت الكفالة بنفقة جميع العمر فكان ذكر العمر وإنه اسم لوقت واحد بمنزلة، ذكر السنه مما أشبه ذلك.
ولو قال كفلت كل بنفقة...... عشرة أشهر صحت الكفالة وانصرفت إلى الوقت المذكور لكون الوقت واحد، كذا ههنا.
أما في قوله كل شهر المذكورة أوقات مختلفة فكان الثبوت عقوداً مختلفة، وإن كفل لها بنفقتها على زوجها أبداً أو ما داما زوجين، فإن ذلك جائز وأراد بالأبد ما داما على النكاح؛ لأن لفظة الأبد فيما بين الزوجين تقع على أنهما على النكاح حتى لو مات أحدهما أو انقطع النكاح بينهما والنفقة لها على النكاح الكفيل. هكذا ذكر في «أدب القاضي» للخصاف وذكر الخصاف في نفقاته أن هذا يتناول زمان العدد أيضاً وهذا لأنه كفيل بنفقتها ما دام النكاح باقياً والنكاح ههنا باقي من وجه وإنما صحت الكفالة في هذه المسألة إلى وقت إنهاء النكاح وكل وجه لأن الوقت ههنا واحد فكان العقد واحد.
ثم فرق بين هذه المسألة، وبينما إذا كفل لها بنفقة ولدها أبداً ومطلقاً كان باطلاً وكان الوقت واحداً لأن نفقة الأولاد لا تجب على التأبيد ما دام حياً، فإنه أوسع تسقط النفقة عن الأب وكذلك إذا أيسر أما نفقة المرأة تجب على التأبيد ما دام النكاح موسرة كانت أو معسرة فلهذا افترقا.
وذكر في «الفتاوى» : في امرأة قالت لزوجها: أنت بريء من نفقتي أبداً ما كنت أمرأتك لا يصح هذا الإبراء؛ لأن صحة الإبراء يعتمد الوجود أو قيام سبب الوجوب ولم يوجد شيء من ذلك ههنا على ما يأتي في نوع الصلح عن النفقة إن شاء الله تعالى.