أو أخبر وحق العبد لا يثبت إلا بقول اثنين بلفظ الشهادة، فإذا كان بين حق الله تعالى وحق العبد علمنا بها وشرطنا العدد من حيث إنه حق المرأة، ولم تشترط لفظة الشهادة من حيث إنه حق الله تعالى عدلاً (307ب1) بالدليلين بقدر الإمكان. وإن قالا: بلغنا أنه موسر وسمعنا أنه موسر لا يثبت اليسار بذلك لأنهما ما قالا علمنا وإنما: قالا: بلغنا أو سمعنا وقد يبلُغ الإنسان الباطل كما يبلغه الحق، وكذلك يسمع الكذب كما يسمع الصدق فلا يثبت اليسار بمثل هذا الخبر.

هذا الذي ذكرنا إذا لم يكن حال الزوج في المعسره معلوماً للقاضي أما إذا كان معلوماً للقاضي فالقاضي لا يحبسه لأن الحبس جزء الظلم ولم يظهر الظلم ههنا ولا نفرق بينهما أيضاً عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله والمسألة معروفة.g

ثم إذا لم يفرق القاضي بينهما عندنا ولم يحبس الزوج فأدى بفعل يأمر المرأة بالاستدانة على الزوج حتى يرجع عليه إذا أيسر.

فرق بين هذا وبين سائر الديون، فإن في سائر الديون من عليه الدين إذا عجز عن قضاء الدين لا يؤمر صاحب الدين بالاستدانة عليه، وههنا بعد ما فرض لها النفقة يؤمر بالاستدانة على الزوج.

ووجه الفرق بينهما: هو أن المرأة لو لم تؤمر بالاستدانة على الزوج بعد فرض القاضي عسى تموت هي أو بموت الزوج فتسقط نفقتها على ما مر. وإذا اسقط لا يعيد القضاء بالنفقة لها شيئاً فتؤمر هي بالاستدانة حتى لا يبطل حقها بموت أحدهما فكان الأمر بالاستدانة من القاضي بعد فرض النفقة لها ليأخذ حقها في النفقة، وهذا المعنى معدوم في سائر الديون فلهذا افترقا.

وأما إذا أمرها القاضي بالاستدانة على الزوج يرجع بذلك على الزوج إذا أيسر؛ لأن استدانتها بأمر القاضي على الزوج وللقاضي ولاية عليهما كاملة كاستدانتها بأمر الزوج. فقد ذكر محمد رحمه الله الاستدانة على الزوج ولم يبين تفسيرها. وذكر في «أدب القاضي» للخصاف أن تفسير الاستدانة على الزوج الشراء بالنسبة ليقتضي الثمن من مال الزوج.

قال مشايخنا رحمهم الله: وليس فائدة الأمر بالاستدانة بعد فرض القاضي إثبات حق الرجوع للمرأة على الزوج، لأن بعد فرض القاضي صارت النفقة ديناً للمرأة على الزوج وثبت لها حق الرجوع بالنفقة على الزوج سواء أكلت من مال نفسها أو استدانت بأمر القاضي أو بغير أمر القاضي، ولكن فائدة الأمر بالاستدانة أنها إذا استدانة على الزوج بأمر القاضي كان لرب الدين أن يرجع بذلك على الزوج ولكن يرجع رب الدين على المرأة ثم المرأة ترجع بما فرض لها القاضي على الزوج؛ وهذا لأن الاستدانة على الزوج إيجاب الدين في ذمة الزوج، فإذا حصل بأمر القاضي فقد حصل ممن له ولاية عامة على الزوج.

أما إذا حصل بأمر القاضي فقد حصل إيجاب الدين في ذمة الزوج من المرأة وليس لها على الزوج هذه الولاية وذكر في «تجريد القدوري» أن فائدة الأمر بالاستدانة أن يجعل المرأة الغريم على الزوج وإن لم يرض الزوج بذلك وبدون الأمر بالاستدانة ليس لها ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015