القاضي، كذا ذكر عن القاضي الإمام أبي الحسن علي بن الحسن بن الخضر النسفي رحمه الله، وكان يقول: وجدنا رواية هذه المسألة في كتاب الطلاق.
وذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: إذا وقعت المخاصمة بين الزوجين في أمر النفقة فيو سطان الزوج وأعطاها شيئاً ثم طلقها الزوج ليس لها استرداد ما تطوع به، وشبهه بالذمي إذا اجتمع عليه جراح رأسه ثم أسلم يسقط ما كان اجتمع عليه.
ووجه التشبيه به: أن الذمي إنما كان يوجد منه جراح الرأس لإصراره على الدين الباطل وقد زال ذلك المعنى بالإسلام فتسقط الحرية كذا ههنا المرأة تستحق النفقة بالوصلة التي كانت بينهما، وتلك الوصلة قد انقطعت بالطلاق، هذا الذي ذكرنا إذا فرض لها القاضي النفقة ولم يأمرها بالاستدانة.
فأما إذا أمرها بالاستدانة على الزوج فاستدانت ثم مات أحدهما لا يبطل ذلك. هكذا ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله في «المختصر» وذكر الخصاف رحمه الله: أنه يبطل أيضاً، والصحيح ما ذكر في «المختصر» : لأن استدانتها بأمر القاضي وللقاضي ولاية عليهما بمنزلة استدانة الزوج بنفسه ولو أن الزوج استدان بنفسه لا يسقط ذلك الدين بموت أحدهما كذا ههنا، وكذلك في مسألة الطلاق يجب أن يكون الجواب هكذا.
ومما يتصل بهذا النوع
ما ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : لو عجل الزوج لها نفقة مدّة ثم مات أحدهما قبل مضي الموت لم يرجع عليها ولا في تركتها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وقال محمد رحمه الله: يدفع عنها بحصة ما مضى ويجب رد الباقي إن كان قائماً، وقيمة الباقي إن كان مستهلكاً.
وجه قول محمد رحمه الله: أنها أحدثت ذلك من مال الزوج لمقصود، ولم يحصل ذلك المقصود له، وكان له أن يستردها منها كما لو عجل لها نفقة لزوجها فماتت قبل أن يتزوجها. ولأبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله: أنها صلةٌ من وجهٍ على ما ذكرنا، وحق الاستراد في الصلات ينقطع بالموت، كالرجوع في الهبة. وروي عن محمد رحمه الله: أنها إذا قبضت نفقتها شهراً فما دونه لم يرجع عليها بشيء.
وكذلك إذا قبضت نفقة أشهرٍ كثيرةٍ فمات أحدهما قبل مضي المدة والباقي من المدة شهراً أو دونه لا يرجع عليها ولا في تركتها بشيء؛ لأن الشهر وما دونه في حكم التيسير فصار كنفقة الحال، وهذا استحسان قال محمد رحمه الله: وإن كان أكثر من الشهر فعلى ما بيّنّا من الاختلاف والله أعلم بالصواب.