رحمه الله: يجيبها إلى ذلك، ذكر قول أبي حنيفة الأول رحمه الله في «السير الكبير» فكان لأبي حنيفة رحمه الله في جواز القضاء على الغائب روايتان فكان هذا فصلاً مجتهداً فيه، فكان للقضاء محلاً فيه.

وذكر في «أدب القاضي» : للخصاف إذا لم يكن للزوج مال خاص والقاضي يعلم بالنكاح فطلبت من القاضي أن يفرض لها النفقة ويأمرها بالاستدانة لا يجيبها إلى ذلك خلافاً لزفر رحمه الله فكان هذا فصلاً مجتهداً فيه فكان للقضاء فيه مجالاً، والذي ذكرنا في النفقة كذلك في الكسوة، وهذا الذي ذكرنا كله إذا كان مال الغائب في ملكه، وما كان وديعة عندإنسان من جنس كسوتها، أو كان طعاماً له، فأما إذا كانت الوديعة والمال الذي في بيت الزوج من خلاف جنس حقها ليس لها أن تبيع شيئاً من ذلك في نفقة نفسها، وكذلك القاضي لا يبيع ذلك في نفقتها عند الكل أما عند أبي حنيفة رحمه الله فلأن البيع إنما يكون على طريق الحجر، والحجر عند أبي حنيفة رحمه الله على الحر العاقل البالغ لا يصح، وأما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فكذلك الجواب، لأن عندهما إنما يبيع القاضي على الحاضر الممتنع فأما الغائب فلا يعلم امتناعه فلا يبيع القاضي قال: وينفق القاضي عليها من غلة الدار والعبد الذي هو للغائب على الوجه الذي قلنا قبل هذا.

قال في «الكتاب» عقيب هذه المسائل، وفي كل موضع كان للقاضي أن يقضي لها بالنفقة في مال الزوج فلها أن تأخذ من مال الزوج ما يكفيها بالمعروف وبغير قضاء، قال عليه السلام لهند امرأة أبي سفيان: «خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف» قال: وإذا طلبت المرأة من القاضي أن يفرض لها النفقة وعلى زوجها وكان للزوج على المرأة دين فقال الزوج: احسبوا لها نفقتها منه كان له ذلك، لأن الدينين من جنس واحد فتقع المقاصة كما في سائر الديون، إلا أن في سائر الديون تقع المقاصة تقاصا أو لم يتقاصا، وههنا تحتاج إلى رضا الزوج لوقوع المقاصة، وإنما كان هكذا لأن دين النفقة أنقص من سائر الديون، فإن سائر الديون لا تسقط بالموت، ودين النفقة يسقط كما يتبين بعد هذا إن شاء الله تعالى فكان دين الزوج أقوى فلا تقع المقاصة إلا بنصاب الزوج كما لو كان أحد الدينين جيداً والآخر رديئاً، فإذا قال الزوج: احسبوا لها نفقتها منه فقد رضي بوقوع المقاصة فتقع المقاصة قال: وإذا فرض القاضي للمرأة الكسوة فهلكت أو سرقت منها أو صرفتها قبل الوقت فليس عليه أن يكسوها حتى يمضي الوقت الذي لا تبقى إليه الكسوة هكذا قال في الكتاب.

و «الأصل» في هذه المسألة، بل إن القاضي متى ظهر له الخطأ في التقدير يعني التقدير معتبراً فيما لم يمض الوقت الذي قدره القاضي لا يقضي لها بكسوة أخرى أما إذا ظهر الخطأ في التقدير جعل وجود هذا التقدير وعدمه بمنزلة القاضي (إذا) قضى لها بالكسوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015