رحمهم الله في ظاهر الرواية لك لكونه مختلفاً فيه إما مع زفر أو مع أبي يوسف رحمهما الله على ما ذكر الخصاف رحمه الله فينفذ لكونه قضاء في فصل مجتهد فيه وهو أرفق بالناس ثم على قول من يقول بفرض النفقة في هذه المسألة لا تحتاج المرأة إلى إقامة البينة أن الزوج لم يخلفه النفقة، الدليل عليه الخصاف ذكر في «أدب القاضي» أنها إذا ادعت أنها زوجة فلان ولم نحلفها (305أ1) نفقه، ثم قال: إن أقامت بينة أنها زوجة فلان، القاضي يفرض لها عند أبي يوسف رحمه الله، ولم يقل إقامة البينة أن الزوج لم يخلفها نفقة، هذا الذي ذكرنا كله كأن المال في بيت الغائب، فإن احضرت المرأة غريماً للزوج أو مودعاً في يديه مال الزوج فإن كان القاضي يعلم بالنكاح وبالوديعة والدين يقضى لها بالنفقة لما قلنا، فإن أنفق المودع أو المديون على والد المودع أو ولده، أو امرأته بغير أمره يضمن الآمر والمديون لكن لا يرجع المنفق على من انفق، وإن لم يكن الحال معلوماً، وإن كان المودع والمديون مقرين بالزوجية وبالمال أمرهما القاضي بإعطاء النفقة من ذلك، لأنه ثبت النكاح والمال للغائب بتصادقهما جميعاً فوجب على القاضي إبقاء حقها من ذلك المال كما لو كان هذا المال في بيت الزوج.
وهذا بخلاف دين آخر على الغائب فإن صاحب الدين لو أحضر غريماً أو مودعاً للغائب لم يأمره القاضي بقضاء الدين، وإن كان مقراً بالمال وبدينه.
والفرق: وهو أن القاضي إنما يأمر في حق الغائب بما يكون نظراً له وحفظاً لملكه عليه، وفي الإنفاق على زوجته من ماله حفظ ملكه عليه، وليس في قضاء الدين من ماله حفظ ملكه عليه يد فيه قضاء عليه بقوله الغير هذا لا يجوز، وإن جحد المال للغائب، أو جحدالنكاح أو جحدت كلاهما لم يقبل منهما على شيء من ذلك، أما على المال فلأنها بهذه البينة بينت الملك للغائب، وليس بخصم في إثبات الملك للغائب، وأما على الزوجية فما ذكر في «الكتاب» أنه لا يقبل منهما، قول محمد رحمه الله وهو قول أبي حنيفة رحمه الله الآخر وأبي يوسف رحمه الله الأول الآخر، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله الأول وهو قول أبي يوسف رحمه الله الأول يقبل منهما بالبينة، ولكن على قول أبي حنيفة رحمه الله يقضي بينهما بالنكاح، وعلى قول أبي يوسف الأول يقضي، هكذا ذكر الخصاف في «نفقاته» .
وذكر في «القدوري» : قول أبي حنيفة الأول رحمه الله والآخر كما ذكر الخصاف ولم يتعرض لقول أبي يوسف رحمه الله وإنما لم يقبل منها هذه البينة على النكاح لأنها بهذه البينة بينت النكاح على الغائب والمودع والمديون ليسا بخصم في إثبات النكاح على الغائب هذا الذي ذكرنا إذا كان للزوج مال خاص، فإذا لم يكن للزوج مال خاص فطلبت من القاضي أن يسمع بينتها على النكاح ويفرض لها ذلك، لأن هذا قضاء على الغائب، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله النفقة على الغائب ويأمرها بالاستدانة لم يجيبها إلى شيء من ذلك، لأن هذا قضاء على الغائب وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله الآخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهم الله، أما على قول أبي حنيفة الأول رحمه الله وهو قول زفر