المسألة والمسألة الأولى سواء على قول أبي حنيفة رحمه الله يقضي بنكاح الحاضرة ولا يلتفت إلى بينتها. وعلى قولهما يوقف الأمران على حضور الغائبة.
وهذا الجواب من أبي حنيفة رحمه الله لا يشكل فيما إذا ادعت الحاضرة أنه تزوج أمها؛ لأن ما ادعته الحاضرة من نكاح الأم ليس بسبب لثبوت ما تدعي على الزوج من فساد نكاح نفسها لا محالة لجواز أنه تزوج الأم قبل الابنة ثم طلقها قبل الدخول بها؛ لأن مجرد نكاح الأم لا يوجب حرمة الابنة، إنما يشكل فيما إذا أقامت البينة أنه تزوج ابنتها؛ لأن نكاح الابنة سبب لفساد نكاح (الأم) (أثبت) نكاح الأم لا محالة، وفي هذا ينتصب الحاضر خصماً عن الغائب فينبغي أن تقبل البينة على نكاح البنت.
والجواب: أن أصل نكاح الابنة ليس بسبب لفساد نكاح الحاضرة لا محالة؛ لأن نكاح الابنة إذا كان فاسداً ولم يدخل بها لم تحرم الأم، وإنما سبب فساد نكاح الحاضرة نكاح الابنة بوصف الصحة، وإذا لم يكن أصل نكاح الابنة سبباً لفساد نكاح الحاضرة لا تنتصب الحاضرة خصماً عن الغائبة في إثبات أصل نكاحها، ولا تنتصب خصماً في إثبات وصف الصحة وإن كان ذلك سبباً للفساد؛ لأن الوصف تبع للأصل.
ولو أقامت الحاضرة بينة على إقرار الزوج بذلك إن أقامت (219ب1) بينة على إقرار الزوج بنكاح الأم لا تقبل بينتها؛ لأن هذه البينة لا تلزم المشهود عليه حقّاً لأنه يمكنه أن يقول: نكحها ثم فارقتها قبل الدخول بها، حتى لو أقامت بينة على إقرار الزوج أنه تزوج أمهّا وأنها امرأته للحال تُقبل بينتها؛ لأنها تلزم المشهود عليه حقاً. وإن قامت البينة على إقرار الزوج بنكاح الابنة تقبل بينتها؛ لأنها قامت على خصم حاضر، وإنها تلزم على المشهود عليه حقاً؛ لأن مطلق إقرار الزوج بالنكاح ينصرف إلى نكاح صحيح. ونكاح الابنة متى صحّ كان سبباً لفساد نكاح الأم.
فرّق بين هذا وبينما إذا أقامت البينة على نفس نكاح الابنة حيث لا تقبل بينتها ولم يصرف مطلق الشهادة إلى النكاح الصحيح كما صرف مطلق الإقرار إلى النكاح الصحيح، والظاهر في الفصلين هو الصحة إلا أنه يحتمل الفساد، فتتمكن الشبهة، والشهادة لا تثبت مع الشبهة، والإقرار لا يبطل بالشبهة هذا إذا أقامت الحاضرة بينة أن الزوج تزوج أمها أوابنتها أو على إقرار الزوج بذلك ولم تتعرض للجماع.
أما إذا تعرضت لذلك وأقامت البينة أن الزوج تزوج بأمها (أو) ابنتها وجامعها، أو أقامت بينة على إقرار الزوج بذلك فرّقنا بينه وبين الحاضرة ولم يثبت نكاح الغائبة وقبلت هذه البينّة على جماع الغائبة لا على نكاح الغائبة، وهذا لأن دعوى نكاح الغائبة غير محتاج إليه عند دعوى الجماع فيما هو المقصود، وهو إثبات فساد نكاح الحاضرة؛ لأن جماع الأب يوجب حرمة الابنة سواء كان بصفة الحال أو بخلافه، فصار دعوى النكاح عند دعوى الجماع والعدم بمنزلته. وصار كأنها أقامت البينة على الجماع لا غير، وهناك لا تقبل بينتها لأن البينة على الجماع قامت على خصم وهو الزوج؛ لأن الجماع يتم بالزوج وحده من غير أن يوجد من المرأة فعل؛ لأن الزوج يجامعهما وهي نائمة، فكان