الحاضرة بطريق الاحتياط؛ لأن الغائبة إذا حضرت إنما تصدق شهود الحاضرة أو تعيد البينة على نكاحها فيفسد نكاح الحاضرة، ويجب التفريق بين الحاضرة والزوج، وما يكون بطريق الاحتياط لا يكون فرضاً.

وكذلك لو أقامت الحاضرة بينة على إقرار الزوج بنكاح الغائبة، فهذا والأول سواء لا تقبل بينة الحاضرة عند أبي حنيفة رحمه الله، وإنما لم تقبل لا لأنها قامت على غير خصم بل قامت على خصم؛ لأنها قامت على إقرار الزوج، والزوج خصم حاضر إلا أن من شرط قبول البينة أن يكون المشهود به حقاً يلزمه المشهود عليه، والمشهود به ههنا إقرار الزوج بنكاح الغائبة قبل نكاح الحاضرة حتى يثبت مكان فساد نكاح الحاضرة؛ فبهذا القدر من الإقرار لا يلزم الزوج فساد نكاح الحاضرة لأن للزوج أن يقول: كنت تزوجت الغائبة قبل نكاح الحاضرة إلا أني طلقتها قبل نكاح الحاضرة.

قال: ولو أقرّ الزوج عند القاضي أن الغائبة كانت امرأته، فالقاضي يسأله هل كان بينه وبينها فرقة؟ فإن قال: لا، فالقاضي يفرق بينه وبين الحاضرة، ولكن لا يثبت نكاح الغائبة إلا بتصديق الغائبة أو ببينة يقيمها عليها؛ لأن الزوج أقرّ بفساد نكاح الحاضرة، وهذا أمر عليه، وبنكاح الغائبة وإنه أمر له، فيُصدق فيما عليه ولا يصدق فيما له.

وإن قال الزوج: قد كنت طلقتها قبل أن أدخل بها أو بعدما دخلت بها، وأخبرتني عن انقضاء العدة في مدة تنقضي في مثلها العدة، وكذبته الحاضرة في الطلاق، وقد أقام هو البينة على نكاح الحاضرة يقضى له بنكاح الحاضرة؛ لأن الزوج بما قال ادعى سقوط حق الغائب في النفقة والسكنى فتزول حرمة نكاح الحاضرة فلئن كان لا يصدق في سقوط حق الغائبة لأنه ضمين يدعي سقوط ما عليه من الضمان يصدق في زوال الحرمة؛ لأنه أمين في ذلك لأن الحرمة خالص حق الله تعالى والعبد في حقوق الله تعالى أمين والأمين فيما أخبر مصدق إذا احتمل خبره الصدق وقد احتمل خبره الصدق إذا كان في مدة تنقضي في مثلها العدة وصار كالمطلقة ثلاثاً إذا تزوجت بزوج آخر وفارقها قبل خلوة ظاهرة فقال الزوج؛ فارقتها قبل الخلوة والإصابة، وقالت المرأة: فارقني بعد الإصابة صدقت المرأة في حق زوال الحرمة على الزوج الأول؛ لأنه من حقوق الله تعالى وإن لم تصدق في استحقاق كمال المهر على الزوج الثاني كذا ههنا هذا إذا لم تحضر الغائبة.

فإن حضرت الغائبة وكذبت الزوج في الطلاق وادعت أنها امرأته، فإن الطلاق واقع عليها بإقرار الزوج وعليها العدة منذ أقر الزوج بالطلاق إن كان قد دخل بها، والحاضرة امرأته لأن نكاح الغائبة ثبت بتصادق الزوج والغائبة إلا أن الزوج يدّعي الطلاق في زمان ما مضى وأخبر عن إخبارها بانقضاء العدة في مدة تنقضي في مثلها العدة، وفي مثل هذا يعتبر قول الزوج في حق جواز نكاح أختها وأربع سواها كما لو كان نكاح الغائبة ثابتاً معاينة. هذا إذا أقامت الحاضرة بينّة أن هذا الزوج المدعي تزوج أختها قبل الوقت (الذي فيه) ادعى نكاحها.

فأما إذا أقامت بيّنة أنه تزوج أمها أو ابنتها قبل الوقت الذي ادعى نكاحها فيه فهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015