وأنشدني أيضاً لنفسه: كامل:
ومهفهفٍ غَضِّ الشبابِ أنيقِهِ ... كالبدرِ غصّني القوام وريقِهِ
نازعتُه مشمولةً فأدارَها ... من مُقلتيهِ ووجنتيهِ ورِيقِهِ
قلت: ورأيت له مصنّفاً في الأدب، سمّاه " التبر المسبوك "، من حسان المجاميع، وانتقل إليَّ - والله المحمود - وهو في ملكي، وفيه فوائد جميلة من فن الأدب؛ صنفه لابن صديقه أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين المسمّى بالشريف أبي منصور، وسيره إليه إلى حلب مع ولد له متخلف، وكافاه أبو منصور المذكور عن التصنيف بما وصلت همّته إليه على صغرها ونزارتها، وأخذ الولد ذلك القدر، واجتاز في طريقه إلى بغداد بدُنَيْسَر، فوجد فيها المومسات متيسرات، فأنفق عليهن ذلك القدر، على نزارته، ثم مات فيما بلغني. وقد كان أبوه محمد في ذلك الوقت في عسر من أمره، وذلك قبل أن يتولى حجابة الديوان في الأيام الناصرية؛ ثم لطف الله به وتولى، وقد كان له ولد مات شاباً وقد قارب العشرين. وكان الله قد فتح عليه علم الهندسة، فبلغ فيه مبلغاً قصر عنه المشايخ، واستخرج غوامض من المسائل، مرّت الدهور عليها وهي معلّقة؛ وسمعت أنه استخرج ضلع المسبّع في الدائرة، وأقام عليه البرهان، وهو مما عجز عنه بُطلَيْموس ومن قبله ومن بعده. ولقد بلغني أن أحد القائمين بهذا النوع قال في ضلع المسبّع: وقد أعيانا استخراجه بالبرهان، ولعلّ الله أخّر علمَ ذلك إلى أن يأتي من يختص به في أثناء الزمان المستقبل، فكان - والله أعلم - ولد محمد بن قتلمش.
قال القيلوي: كتب ابن قتلمش على يدي إلى نظام الدين، وزير حلب: خفيف: