كتب إليّ أبو الضياء الهروي، حدثنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المررزي، أنشدنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن عليّ الحافظ أنشدنا الرئيس أبو علي بن نبهان الكاتب لنفسه في داره بالكرخ: سريع: أسعدُنا من وفّق الله لكلِّ فعل منه يرضاه
ومن رضي من رزقه بالذي ... قدَّره الله وأعطاه
واطَّرَحَ الحِرْصَ وأطماعه ... في نيلِ ما لم يُعطِ مولاهُ
طُوبى لمن فكَّرَ في بعثِه ... من تبل أن يدعوْ به الله
واستدركَ الفارطَ فيما مضى ... ومما نسي فالله أحصاهُ
فالموت حتم في جميعِ الورَى ... طُوبى لمن تُحمَدُ عُقباه
وكلُّ من عاش إلى غايةٍ ... في العمرِ فالموتُ قُصاراه
يَعلمه حقّاً يقيناً بلا ... شكٍّ ولكن يتناساه
كأنما خُصَّ به غيرنا ... أوْ هُوَ خَطْبٌ نتوقَّاه
وإن جَرَى ذكرٌ له بينَنا ... قُلنا جميعاً: قد عَلِمناهُ
وليسَ فينا واحدٌ عاملٌ ... لغير ما يصلحُ، دنياهُ
كم آمِن في سِرْبهِ غافل ... في أعظمِ العزِّ وأوفاهُ
أموالُهُ لا تنحصي كثرَةً ... والخلقُ ترجوه وتخشاهُ
ومن عظيم الذكر في نعمةٍ ... يُرْجى ويُخشى، وله جاه
قد باتَ في خفضٍ وفي غِبطةٍ ... في أطيبِ العيش وأهناهُ
أصبحَ قد فارق ذا كُلَّهُ ... قهراً، وصار القبرُ مثواهُ
فزالتِ النِّعمةُ في لحظةٍ ... واسترجع الدهرُ عطاياهُ
سِيق إلى دار البِلي مُكرَهاً ... لم يُغْنِ عنه المالُ والجاهُ
وكلُّ من كان ودُوداً له ... تحت تُرابِ الأرضِ واراهُ
حتى إذا ما غاب عن عينِهٍ ... عادَ إلى الدُّنيا وخلاَّهُ