ابن سريج لابن داود: أولاً يا أبا بكر - أعزك الله - هذا قول مَنْ من المسلمين تقدَّمكم فيه؟! فاستشاط أبو بكر من ذلك وقال: أتقدر أن من اعتقدت قولهم، إجماع في هذه المسألة، إجماع عندي؟! أحسن أحوالهم أن أعدّهم خلافاً، وهيهات أن يكونوا كذلك! فغضب ابن سريج وقال له: أنت يا أبا بكر بكتاب " الزهرة " أمهر منك في هذه الطريقة! فقال أبو بكر: وبكتاب " الزهرة " تُعيّرني؟ والله ما تحسن تستتم قراءته قراءة من يفهم! فإنه لمن أحد المناقب إذ كنت أقول فيه: طويل: أُكرِّر في روض المحاسن مقلتي وأمع نفسي أن تنال محرَّما
وأَحملُ من ثِقلِ الهوى ما لو أنَّه ... يُصَبُّ على الصخر الأصم تهدُّما
وينطقُ سرِّي عن مُترْجم خاطري ... ولولا اختلاسي رَدَّهُ لتكلَّمَا
رأيت الهوى دَعوى من الناس كلِّهم ... فما إنْ أرى حُبّاً صحيحاً مسلَّما
قال ابن سريج: أوَ عليَّ تفتخر بهذا؟ وأنا الذي أقول: كامل:
ومساهرٍ بالغنج من لحظاتهقدْ بتُّ أمنعُه لذيذَ سِناتهِ
ضنّاً بحسن حديثهِ وعتابه ... وأُكرِّر اللحظات في وَجَناتِهِ
حتى إذا ما الصُّبحُ لاح عمودُه ... ولَّى بخاتم رَبِّهِ وبَراتهِ
قال ابن داود لأبي عمر: أيّد الله القاضي: قد أقرّ بالمبيت على الحال التي ذكرها، وادّعى البراءة مما توجبه، فعليه إقامة البينة! فقال له ابن سريج: من مذهبي أنَّ المُقِرَّ إذا أقرّ إقراراً وناطه بصفة، كان إقراره