قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِلْإِمَامِ: افْتَرَى عَلَيَّ فُلَانٌ، أَوْ رَمَى أُمِّيَ؟ فَيَقُولُ الْإِمَامُ: أَفَعَلْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، قَدْ فَعَلْتُ، فَيَقُولُ الْآخَرُ: قَدْ أَعْفَيْتُهُ؟ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُفْتَرَى عَلَيْهِ: أَنْتَ أَبْصَرُ - وَلَا يَكْشِفُهُ لَعَلَّهُ يَكْشِفُ غِطَاءً لَا يَحِلُّ كَشْفُهُ، فَإِنْ عَادَ يَلْتَمِسُ ذَلِكَ الْحَدَّ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.
وَبِهِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ ني مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ زُرَيْقَ بْنَ الْحَكَمِ حَدَّثَهُ. قَالَ: افْتَرَى رَجُلٌ - يُقَالُ لَهُ مِصْبَاحٌ - عَلَى ابْنِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا زَانِي، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَيَّ فَأَمَرْت بِجَلْدِهِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَئِنْ جَلَدْتُهُ لَأُقِرَّنَّ عَلَى نَفْسِي بِالزِّنَا؟ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لِي أَشْكَلَ عَلَيَّ؟ فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيَّ: أَنْ أَجِزْ عَفْوَهُ فِي نَفْسِهِ؟ قَالَ زُرَيْقٌ: فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الرَّجُلِ يَفْتَرِي عَلَيْهِ أَبَوَاهُ، أَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْهُمَا؟ فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيَّ: خُذْ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، إلَّا أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا
حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَنِي زُرَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ قَذَفَ ابْنَهُ: أَنْ اجْلِدْهُ، إلَّا أَنْ يَعْفُوَ ابْنُهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ زُرَيْقٍ: فَظَنَنْت أَنَّهَا لِلْأَبِ خَاصَّةً، فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ أُرَاجِعُهُ: لِلنَّاسِ عَامَّةً أَمْ لِلْأَبِ خَاصَّةً؟ فَكَتَبَ إلَيَّ: بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا عَفْوَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ، كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا عَفْوَ فِي الْحُدُودِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تَبْلُغَ الْإِمَامَ، فَإِنَّ إقَامَتَهَا مِنْ السُّنَّةِ.
وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: إذَا بَلَغَتْ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ - يَعْنِي الْفِرْيَةَ - وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ.