وَجْهَ لِاتِّبَاعِهِمْ، وَلَا شَيْءَ لَنَا عِنْدَهُمْ حِينَئِذٍ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ إدْبَارُهُمْ لِيَتَخَلَّصُوا مِنْ غَلَبَةِ أَهْلِ الْحَقِّ - وَهُمْ بَاقُونَ عَلَى بَغْيِهِمْ - فَقِتَالُهُمْ بَاقٍ عَلَيْنَا بَعْدُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفِيئُوا بَعْدُ إلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّلْمَنْكِيُّ نا أَحْمَدُ بْنُ مُفَرِّجٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ الرَّقِّيُّ نا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ نا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ هَلْ تَدْرِي كَيْفَ حَكَمَ اللَّهُ فِيمَنْ بَغَى مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: لَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهَا، وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهَا، وَلَا يُطْلَبُ هَارِبُهَا، وَلَا يُقَسَّمُ فَيْئُهَا» فَإِنَّ كَوْثَرَ بْنَ حَكِيمٍ سَاقِطٌ أَلْبَتَّةَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ - وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا؛ لِأَنَّ الْهَارِبَ: هُوَ التَّارِكُ لِمَا هُوَ فِيهِ، فَأَمَّا الْمُتَخَلِّصُ؛ لِيَعُودَ فَلَيْسَ هَارِبًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ؟ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: تُقَسَّمُ أَمْوَالُهُمْ وَتُخَمَّسُ - وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: أَمْوَالُ اللُّصُوصِ الْمُحَارِبِينَ مَغْنُومَةٌ مُخَمَّسَةٌ، مَا كَانَ مِنْهَا فِي عَسْكَرِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ: مَا وُجِدَ فِي أَيْدِي أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ فَإِنَّهُ فَيْءٌ يُقَسَّمُ وَيُخَمَّسُ - وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ: أَمَّا مَا دَامَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يُسْتَعَانُ فِي قِتَالِهِمْ بِمَا أُخِذَ مِنْ سِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ خَاصَّةً؛ فَإِذَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فِي حَالِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، فَإِذَا وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا لَمْ يُؤْخَذْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَا سِلَاحٌ، وَلَا كُرَاعٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ - يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا بَقِيَ مِمَّا قَاتَلُوا بِهِ فِي الْحَرْبِ مِنْ سِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُنَا: لَا يَحِلُّ لَنَا شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ: لَا سِلَاحٌ، وَلَا كُرَاعٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ - لَا فِي حَالِ الْحَرْبِ وَلَا بَعْدَهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ، بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى.