وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ» عَلَى الْأَمْرِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْقُرَشِيِّ قَوَدًا أَوْ رَجْمًا فِي الزِّنَى - وَهُوَ مُحْصَنٌ - عَلَى وُجُوبِ غَزْوِ مَنْ لَاذَ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْحِرَابَةِ وَالْبَغْيِ؟ فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا مَنَعَ بِذَلِكَ مِنْ غَزْوِهَا ظُلْمًا، وَمِنْ قَتْلِ قُرَشِيٍّ صَبْرًا ظُلْمًا؟ قُلْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: هَذِهِ أَحْكَامٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا حُكْمُ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا، وَلَا حُكْمُ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، فَلَا يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ: أَنْ تُغْزَى بَلَدٌ مِنْ الْبِلَادِ ظُلْمًا، وَلَا أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ ظُلْمًا، وَكَأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ عَارِيًّا مِنْ الْفَائِدَةِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.