قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ، أَحْسَنُ طُرُقِهِ: مَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ.
وَمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ: أَنَّ نَاقَةً دَخَلَتْ. فَلَمْ يُسْنِدْ أَحَدٌ قَطُّ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَوْ أُسْنِدَ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا لَكَانَ حُجَّةً يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنَّمَا اُسْتُنِدَ مِنْ طَرِيقِ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ مَرَّةً عَنْ أَبِيهِ - وَلَا صُحْبَةً لِأَبِيهِ - وَمَرَّةً عَنْ الْبَرَاءِ فَقَطْ، وَحَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ - مَجْهُولٌ - لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ إلَّا الزُّهْرِيُّ، وَمَا نَعْلَمُ لِلزُّهْرِيِّ عَنْهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُوَثِّقْهُ الزُّهْرِيُّ - وَهُوَ قَدْ يَرْوِي عَمَّنْ لَا يُوَثَّقُ، كَرِوَايَتِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَرْمٍ، وَنَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَجَاهِيلِ، وَالْهَلْكَى. وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدِّينِ إلَّا بِمَنْ تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: اُخْتُصِمَ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي ثَوْرٍ نَطَحَ حِمَارًا فَقَتَلَهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إنْ كَانَ الثَّوْرُ دَخَلَ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ فَقَدْ ضَمِنَ - وَإِنْ كَانَ الْحِمَارُ دَخَلَ عَلَى الثَّوْرِ فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا حُكْمٌ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا كُلِّهِ هُوَ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَتَ عَنْهُ مِنْ أَنَّ «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ وَعَمَلُهَا جُبَارٌ» فَلَا ضَمَانَ فِيمَا أَفْسَدَهُ الْحَيَوَانُ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَإِنْ أَتَى بِهَا وَحَمَلَهَا عَلَى شَيْءٍ، وَأَطْلَقَهَا فِيهِ: ضَمِنَ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ فِعْلُهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا.
وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الضَّارِيَةُ فَقَدْ جَاءَتْ فِيهَا آثَارٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ بِرَدِّ الْبَعِيرِ، أَوْ الْبَقَرَةِ، أَوْ الْحِمَارِ، أَوْ الضَّوَارِي، إلَى أَهْلِهِنَّ ثَلَاثًا إذَا حُظِرَ الْحَائِطُ، ثُمَّ يُعْقَرْنَ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ إلَى الْحَجَّاجِ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنْ يُحَصَّنَ الْحَائِطُ حَتَّى يَكُونَ إلَى نَحْوِ الْبَعِيرِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَسَمِعْت عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ