وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ فِي الرَّجُلِ السُّوقِيِّ يَنْضَحُ بَيْنَ يَدِي بَابِهِ مَاءً فَيَمُرُّ بِهِ إنْسَانٌ فَيُزْلَقُ؟ قَالَ حَمَّادٌ: يَضْمَنُ - وَقَالَ الْحَكَمُ: لَا يَضْمَنُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا عَنْ عَلِيٍّ، وَشُرَيْحٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَحَمَّادٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: مَنْ أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ حَدَثًا مِنْ نَضْحٍ، أَوْ مَاءٍ، أَوْ حَجَرٍ، أَوْ شَيْئًا أَخْرَجَهُ مِنْ دَارِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ ظُلَّةٍ، أَوْ جَنَاحٍ: فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَطِبَ فِيهِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ: مَنْ أَخْرَجَ كَنِيفًا أَوْ جِذْعًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَعْنَتَ أَحَدًا ضَمِنَ ذَلِكَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: إنْ أَخْرَجَ عُودًا، أَوْ حَجَرًا، أَوْ خَشَبَةً، مِنْ جِدَارِهِ، فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ فَجَرَحَهُ، أَوْ قَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ مِنْ صَنِيعِ النَّاسِ ضَمِنَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاضِعُ الْحَجَرِ فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا ضَامِنٌ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، فَلَهُمْ هَاهُنَا أَقْوَالٌ طَرِيفَةٌ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمِنْهَا - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَعَدَ فِي مَسْجِدٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ، فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ضَمِنَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: لَا يَضْمَنُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ.
وَقَالُوا كُلُّهُمْ: مَنْ أَخْرَجَ مِنْ دَارِهِ مِيزَابًا فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ مَا كَانَ خَارِجًا مِنْ الْحَائِطِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَصَابَهُ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَهِلَ مَا أَصَابَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ - وَلَكِنْ قَالُوا: نَدْعُ الْقِيَاسَ وَنَسْتَحْسِنُ فَنُضَمِّنُهُ.
وَإِنْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ.
قَالُوا: فَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ يُحْدِثُهُ فِي فِنَائِهِ، فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ، الْمُسْتَأْجِرُ - فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفُرَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ، فَإِنَّ الضَّامِنَ لِمَا يُتْلَفُ بِذَلِكَ الْأَجِيرُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمْ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتْبَعَهُ.
فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالتَّضْمِينِ فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ