المحلي بالاثار (صفحة 4529)

لَهَا كَانَ خَطَأً عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَرَجَعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى الْحُكْمِ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ قَتْلُ الْخَطَأِ، إذْ لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ حُكْمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا عَلَى الْحَقِّ الَّذِي لَا يَقْتَضِي مَا حَكَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ بِهِ.

وَقَدْ ادَّعَى قَوْمٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْطَأَ فِيهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ؟ فَقُلْنَا: بَلْ الْمُخْطِئُ مَنْ خَطَّأَ الْأَئِمَّةَ بِرَأْيِهِ الْفَاسِدِ، وَإِذْ لَمْ يَرْوِ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، فَكَانَ مَاذَا؟ ابْنُ جُرَيْجٍ أَجَلُّ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَكِلَاهُمَا جَلِيلٌ - وَابْنُ جُرَيْجٍ زَادَ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا لَمْ يَعْرِفْ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لَا يَحِلُّ رَدُّهَا.

وَقَدْ أَتَى قَوْمٌ بِمَا يَمْلَأُ الْفَمَ، فَقَالُوا: حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ؟ .

فَقُلْنَا: هَذَا حُكْمُ إبْلِيسَ، تُرَدُّ رِوَايَةُ حَمَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ صَاحِبٌ ثَابِتُ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُلُّ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ.

وَيُؤْخَذُ بِتَخْلِيطِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لَا يُسَاوِي الِاشْتِغَالَ بِهِ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وَقَالُوا: قَدْ قَالَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ.

قَالُوا: وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَهُوَ أَيْضًا - قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ.

وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.

وَهُوَ أَيْضًا - قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015