أَخْبَارٌ عَنْ عَمَلٍ وَاحِدٍ، وَإِذَا رُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَدْ رُضَّ بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ رُجِمَ رَأْسُهُ حَتَّى مَاتَ.
فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ، إذْ كُلُّهَا مَعْنًى وَاحِدٌ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ - وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ، وَإِنَّمَا هَذَا تَعَلُّلٌ فِي مُخَالَفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَاطِلِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: «خَصْلَتَانِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَغَايَةُ الْإِحْسَانِ فِي الْقِتْلَةِ هُوَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ هُوَ - وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] وَأَمَّا مَنْ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ عُنُقَ مَنْ قَتَلَ آخَرَ خَنْقًا، أَوْ تَغْرِيقًا، أَوْ شَدْخًا، فَمَا أَحْسَنَ الْقِتْلَةَ، بَلْ إنَّهُ أَسَاءَهَا أَشَدَّ الْإِسَاءَةِ، إذْ خَالَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَتَعَدَّى حُدُودَهُ، وَعَاقَبَ بِغَيْرِ مَا عُوقِبَ بِهِ وَلِيُّهُ، وَإِلَّا فَكُلُّهُ قَتْلٌ، وَمَا الْإِيقَافُ لِضَرْبِ الْعُنُقِ بِالسَّيْفِ بِأَهْوَنَ مِنْ الْغَمِّ، وَالْخَنْقِ، وَقَدْ لَا يَمُوتُ مِنْ عِدَّةِ ضَرَبَاتٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ أُخْرَى - هَذَا أَمْرٌ قَدْ شَاهَدْنَاهُ - وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ - فَعَادَ هَذَا الْخَبَرُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذَا مِنْ طَرِيفِ مَا مَوَّهُوا بِهِ - وَمَتَى خَالَفْنَاهُمْ فِي أَنَّ الْعَبَثَ بِالْبَهَائِمِ، وَبِغَيْرِ الْبَهَائِمِ لَا يَحِلُّ، إنَّمَا بِهِمْ أَنْ يُمَوِّهُوا أَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ وَهُمْ لَا يَأْتُونَ إلَّا بِمَا نُهُوا عَنْهُ؟ .
وَأَمَّا بِالْبَاطِلِ - نَعَمْ، صَبْرُ الْبَهَائِمِ لَا يَحِلُّ، إلَّا حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ الذَّبْحِ،